ثم شرع يقص لحبيبه ما وقع لجده، وهذه القصة ولو أن فيها بعض ما قصه سابقا إلا أن القصص المكررة كل واحدة منها فيها ما لم يكن في غيرها ولنفي بالمقصود، وهذا من بلاغة القرآن العظيم وفوائد التكرار :
قالوا لمسلم فضل قلت البخاري أولى
قالوا البخاري مكرر قلت المكرر أحلى
فقال تعالى قوله يا سيد الرسل "هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ" ٢٤ وصفهم بالكرم لأنهم ملائكة كرام عليه أو لأن إبراهيم الكريم أكرمهم أو لأنهم ضيوفه وهو مكرم على اللّه، ولفظ ضيف يطلق على الواحد والجمع ولذلك جاء وصفه جمعا كالصوم والزور، قيل كانوا تسعة عاشرهم جبريل عليه السلام، راجع قصتهم في الآية ٦٩ من سورة هود المارة.
واذكر لقومك يا حبيبي "إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً" عليك يا إبراهيم يا خليل الرحمن "قالَ سَلامٌ" ثم سكت وصار يتملأ بهم ويتعجب من حالتهم إذ دخلوا عليه بلا استئذان، ورأى أن عملهم هذا منكر، فقال أنتم "قَوْمٌ مُنْكَرُونَ" ٢٥ لأن دخلو لكم قبل أن نأذن لكم وقبل أن تستأذنوا عندنا منكر، ولم يجر في عرفنا وأنتم غرباء عن هذه البلاد ولا معرفة لنا بكم، فكيف تجاسرتم على هذا، أولا تعرفون أن عوائدنا هنا عدم