هذا واعلم أنه عليه السلام لما عرفهم ملائكة وهو يعلم أنهم لا يأتون إلا لمهمّة، خاطبهم بقوله كما حكى اللّه عنه "قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ" ٣١ فما شأنكم بعد هذه البشارة لأنه عرف أن الأمر ليس مقصورا عليها ولا بد من أمر عظيم جاءوا لتنفيذه "قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ" ٣٢ متوغلين بالإجرام القبيحة وهم قوم لوط، قال وما تفعلون بهم قالوا "لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ" ٣٣ مرسلة "مُسَوَّمَةً" من سوّمت الماشية إذا أرسلتها في المرعى أو معلّمة بعلامة تدل على أنها ليست من حجارة الدنيا بل هي "عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ" ٣٤ بحقوق اللّه المتجاوزين ما سنه لهم نبيّهم ولم يقنعوا بما أبيح لهم، فجادلهم إبراهيم بذلك كما سيأتي في الآية ٣٣ من العنكبوت الآية، ولد مر منه في الآية ٧٣ من سورة هود المارة فأعلموه أنه لا مناص من إهلاكهم وتركوه وتوجهوا إلى قرى قوم لوط فلما وصلوها، قال تعالى "فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" ٣٥ بلوط عليه السلام قالوا "فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" ٣٦ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أن أهل البيت لوط وابنتاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنهم كانوا ثلاثة عشر واستدل في هذه الآية على اتحاد الإيمان والإسلام للاستثناء المعنوي، أي لم يكن المخرج إلا أهل بيت واحد، وإلا لم يستقم الكلام، فإن الإيمان والإسلام