وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون ﴾
لما تيقن إبراهيم عليه السلام أنهم ملائكة بإحياء العجل والبشارة قال لهم :﴿ فَمَا خَطْبُكُمْ ﴾ أي ما شأنكم وقصتكم ﴿ أَيُّهَا المرسلون ﴾ ﴿ قالوا إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴾ يريد قوم لوط.
﴿ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ ﴾ أي لنرجمهم بها.
﴿ مُّسَوَّمَةً ﴾ أي مُعَلَّمةً.
قيل : كانت مخططة بسواد وبياض.
وقيل : بسواد وحُمرة.
وقيل :"مُسَوَّمةً" أي معروفة بأنها حجارة العذاب.
وقيل : على كل حجر اسم من يهلك به.
وقيل : عليها أمثال الخواتيم.
وقد مضى هذا كله في "هود".
فجعلت الحجارة تتبع مسافريهم وشُذَّاذهم فلم يفلت منهم مخبر.
﴿ عِندَ رَبِّكَ ﴾ أي عند الله وقد أعدّها لرجم من قضى برجمه.
ثم قيل : كانت مطبوخة طبخ الآجر، قاله ابن زيد ؛ وهو معنى قوله تعالى :﴿ بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴾ على ما تقدّم بيانه في "هود".
وقيل : هي الحجارة التي نراها وأصلها طين، وإنما تصير حجارة بإحراق الشمس إياها على مر الدهور.
وإنما قال :"مِنْ طِينٍ" ليعلم أنها ليست حجارة الماء التي هي البَرَد.
حكاه القشيري.
قوله تعالى :﴿ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المؤمنين ﴾ أي لما أردنا إهلاك قوم لوط أخرجنا من كان في قومه من المؤمنين ؛ لئلا يهلك المؤمنون، وذلك قوله تعالى :﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ﴾ [ هود : ٨١ ].
﴿ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المسلمين ﴾ يعني لوطاً وبنتيه وفيه إضمار ؛ أي فما وجدنا فيها غير أهل بيت.
وقد يقال بيت شريف يراد به الأهل.
وقوله :"فِيهَا" كناية عن القرية ولم يتقدّم لها ذكر ؛ لأن المعنى مفهوم.
وأيضاً فقوله تعالى :﴿ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴾ يدل على القرية ؛ لأن القوم إنما يسكنون قرية.
وقيل : الضمير فيها للجماعة.


الصفحة التالية
Icon