﴿هل أتاك﴾ يا أكمل الخلق ﴿حديث ضيف﴾ عبر عنهم بلفظ الواحد إشارة إلى اتحاد كلمتهم ﴿إبراهيم﴾ وهو خليلنا، ودل على أنه لم يعرف شيئاً مما أتوا به دالاًّ على أنهم جمع ﴿المكرمين﴾ أي الذين هم أهل الكرامة، وأكرمهم إبراهيم عليه السلام بقوله وفعله، ففي حديثه ذلك آية بينة على ما بين في هذه السورة من قدرة الله تعالى وصدق وعده ووعيده، مع ما فيه من التسلية لك ولمن تبعك، والبشارة بإكرام المصدق وإهانة المكذب، قال القشيري : وقيل : كان عددهم اثني عشر ملكاً، وقيل : جبريل عليه السلام، وكان معه تسعة، وقيل : كانوا ثلاثة :﴿إذ﴾ أي حديثهم حين ﴿دخلوا عليه﴾ أي دخول استعلاء مخالف لدخول بقية الضيوف ﴿فقالوا سلاماً﴾ أي نحدث، ثم استأنف الأخبار عن جوابه بقوله :﴿قال﴾ أي بلسانه :﴿سلام﴾ أي ثابت دائم، فهو أحسن من تحيتهم.
ولما كان ما ذكر من دخولهم وسلامهم غير مستغرب عند المخاطبين بهذا، وكانت القصة قد ابتدئت بما دل على غرابة ما يقص منها، تشوف السامع إلى ما كان بعد هذا فأجيب بقوله :﴿قوم﴾ أي ذوو قوة على ما يحاولونه ويقومون فيه ﴿منكرون﴾ أي حالهم لإلباسه أهل لأن ينكره المنكر، وقدم هذا على موضعه الذي كان أليق به فيما يظهر بادي الرأي، وإيضاحاً لأن السياق لخفاء الأسباب على الآدمي وبعدها وإن كانت في غاية الظهور والقرب ولو أنه غاية العلو فإن إنكاره لهم كان متأخراً عن إحضار الأكل لكونهم لم يأكلوا، وهذا القول كان في نفسه ولم يواجههم به.