ولما وقعت التسلية بهذا للأولياء، قال تعالى محذراً للأعداء :﴿فأخذناه﴾ أي أخذ غضب وقهر بعظمتنا بما استدرجناه به وأوهناه به من العذاب الذي منه سحاب حامل ماء وبرداً وناراً وصواعق ﴿وجنوده﴾ أي كلهم ﴿فنبذناهم﴾ أي طرحناهم طرح مستهين بهم مستخف لهم كما تطرح الحصيات ﴿في اليم﴾ أي البحر الذي هو أهل لأن يقصد بعد أن سلطنا الريح فغرقته لما ضربه موسى عليه السلام بعصاه ونشفت أرضه، فأيبست ما أبرزت فيه من الطرق لنجاة أوليائنا وهلاك أعدائنا ﴿وهو﴾ أي والحال أن فرعون ﴿مليم﴾ أي آتٍ بما هو بالغ في استحقاقه الملامة، ويجوز أن يكون حالاً من ﴿أليم﴾ بمعنى أنه فعل بهم فعل اللائم من ألامه - إذا بالغ في عذله، وصار ذا لائمة أي لهم، من ألام - لازماً، وأن يكون مخففاً من لأم المهموز فيكون المعنى : فهو مصلح أي فاعل فعل المصلحين في إنجاء الأولياء وإغراق الأعداء بالالتئام والانطباق عليهم، قال في القاموس : اللوم العدل، لام لوماً وألامه ولومه للمبالغة، وألام : أتى ما يلام عليه أو صار ذا لائمة، ولأمه بالهمز كمنعه، نسبه إلى اللوم، والسهم : أصلحه كألامه ولأمه فالتأم، ولا يضر يونس عليه السلام أن يعبر في حقه بنحو هذه العبارة، فإن أسباب اللوم تختلف كما أن أسباب المعاصي تختلف في قوله
﴿وعصوا رسله﴾ [ هود : ٥٩ ] ﴿وعصى آدم ربه﴾ [ طه : ١٢١ ] وبحسب ذلك يكون اختلاف نفس اللوام ونفس المعاصي.


الصفحة التالية
Icon