فعله لمنفعة راجعة إليه ولا إلى غيره، لأن الله تعالى قادر على إيصال المنفعة إلى الغير من غير واسطة العمل فيكون توسط ذلك لا ليكون علة، وإذا لزم القول بأن الله تعالى يفعل فعلاً هو لمتوسط لا لعلة لزمهم المسألة، وأما النصوص فأكثر من أن تعد وهي على أنواع، منها ما يدل على أن الإضلال بفعل الله كقوله تعالى :
﴿يُضِلُّ مَن يَشَاء﴾ [ الرعد : ٢٧ ] وأمثاله ومنها ما يدل على أن الأشياء كلها بخلق الله كقوله تعالى :﴿خالق كُلّ شَىْء﴾ [ الرعد : ١٦ ] ومنها الصرايح التي تدل على عدم ذلك، كقوله تعالى :﴿لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ﴾ [ الأنبياء : ٢٣ ] وقوله تعالى :﴿وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاء﴾ [ إبراهيم : ٢٧ ] ﴿يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ [ المائدة : ١ ] والاستقصاء مفوض فيه إلى المتكلم الأصولي لا إلى المفسر.
المسألة الرابعة :
قال تعالى :﴿يا أيها الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى وجعلناكم شُعُوباً وَقَبَائِلَ لتعارفوا﴾ [ الحجرات : ١٣ ] وقال :﴿لِيَعْبُدُونِ﴾ فهل بينها اختلاف ؟ نقول ليس كذلك فإن الله تعالى علل جعلهم شعوباً بالتعارف، وههنا علل خلقهم بالعبادة وقوله هناك ﴿أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم﴾ [ الحجرات : ١٣ ] دليل على ما ذكره ههنا وموافق له، لأنه إذا كان أتقى كان أعبد وأخلص عملاً، فيكون المطلوب منه أتم في الوجود فيكون أكرم وأعز، كالشيء الذي منفعته فائدة، وبعض أفراده يكون أنفع في تلك الفائدة، مثاله الماء إذا كان مخلوقاً للتطهير والشرب فالصافي منه أكثر فائدة في تلك المنفعة فيكون أشرف من ماء آخر، فكذلك العبد الذي وجد فيه ما هو المطلوب منه على وجه أبلغ.
المسألة الخامسة :


الصفحة التالية
Icon