وقال الشيخ سيد قطب :
سورة الطور
تعريف لسورة الطور
هذه السورة تمثل حملة عميقة التأثير فى القلب البشري. ومطاردة عنيفة للهواجس والشكوك والشبهات والأباطيل التي تساوره وتتدسس إليه وتختبئ هنا وهناك في حناياه. ودحض لكل حجة وكل عذر قد يتخذه للحيدة عن الحق والزيغ عن الإيمان.. حملة لا يصمد لها قلب يتلقاها، وهي تلاحقه حتى تلجئه إلى الإذعان والاستسلام !
وهي حملة يشترك فيها اللفظ والعبارة، والمعنى والمدلول، والصور والظلال، والإيقاعات الموسيقية لمقاطع السورة وفواصلها على السواء. ومن بدء السورة إلى ختامها تتوالى آياتها كما لو كانت قذائف، وإيقاعاتها كما لو كانت صواعق، وصورها وظلالها كما لو كانت سياطا لاذعة للحس لا تمهله لحظة واحدة من البدء إلى الختام !
وتبدأ السورة بقسم من الله سبحانه بمقدسات في الأرض والسماء. بعضها مكشوف معلوم ! وبعضها مغيب مجهول:(والطور. وكتاب مسطور. في رق منشور. والبيت المعمور. والسقف المرفوع)..
القسم على أمر عظيم رهيب، يرج القلب رجا، ويرعب الحس رعبا. في تعبير يناسب لفظه مدلوله الرهيب ; وفي مشهد كذلك ترجف له القلوب:(إن عذاب ربك لواقع. ما له من دافع، يوم تمور السماء مورا، وتسير الجبال سيرا)..
وفي وسط المشهد المفزع نرى ونسمع ما يزلزل ويرعب، من ويل وهول، وتقريع وتفزيع: (فويل يومئذ للمكذبين، الذين هم في خوض يلعبون. يوم يدعون إلى نار جهنم دعا. هذه النار التي كنتم بها تكذبون. أفسحر هذا ؟ أم أنتم لا تبصرون ؟ اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا، سواء عليكم، إنما تجزون ما كنتم تعملون)..