قال تعالى "وَأَمْدَدْناهُمْ" زدناهم وأعطيناهم وأصل المدّ الجر ويجيء غالبا بمعنى الإمداد للشيء المحبوب، والمد للمكروه، الإمداد تأخير الأجل والإغاثة وتعزيز الجنود بجماعة أخرى، قال تعالى (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) الآية ١٠ من سورة الأنفال ج ٣، أي زدناهم بعد تقديم ما يؤكل من الغذاء "بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ" ٢٢ للتلذذ من غير طلب واقتراح إكراما لهم "يَتَنازَعُونَ" يتجازبون ويتعاطون فيناول بعضهم بعضا "فِيها كَأْساً" زجاجة مملوءة بالشراب اللذيذ "لا لَغْوٌ" باطل ولا مالا يغي "فِيها" أي لا يتكلم شاربها بمكروه أثناء شربها كعادة أهل الدنيا عند شرابهم النجس المذهب للعقل، فإنهم يخلطون أثناء شربهم ويهرفون بما لا يعرفون، لأنها لا تذهب عقولهم فيحافظون على الآداب والأخلاق "وَلا تَأْثِيمٌ" ٢٣ فلا يقع منهم خلال شربها أو بعده ما يوجب الإثم بخلاف أهل الدنيا، فإنهم قد يتسابون ويقع منهم ما يؤثمون به، ويفعلون فعل اللئام، أما أهل الجنة فلا يقع منهم عند شربهم وبعده إلا ما يفعله الكرام من اللطف والعطف والمحبة "وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ" بتلك الكأس "غِلْمانٌ لَهُمْ" مملوكون بتمليك رب العالمين لا يشاركون أحدا في خدمتهم "كَأَنَّهُمْ" في حسنهم وجمالهم "لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ" ٢٤ في صدفة لم تمسه الأيدي باق على صفائه "وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ" ٢٥ بينهم، ثم بين تعالى تساءلهم فقال "قالُوا" بعضهم لبعض أثناء تذاكرهم "إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا" في دار الدنيا "مُشْفِقِينَ" ٢٦ خائفين من عذاب اللّه