قال تعالى "أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ" من الرزق والمطر والعافية فيمنعونه عن أناس ويفيضونه على آخرين كما يفعل اللّه "أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ" ٣٧ على شيء من ذلك فيقدرون أن يفعلوا ما يشاءون فيغتون هذا، ويفقرون هذا، ويمرضون هذا، ويشفون هذا، كلا ما عندهم شيء من ذلك البتة، وليس لهم سلطة على شيء منه أصلا وفسر بعضهم الخزائن بالنبوة وآخرون بالعلم، والمسيطرين بالأرباب القهارين والجبارين المتسلطين، وهو كما ترى، وهذا إلزام رابع ألقمهم الحجر.
قال تعالى "أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ" مرقي إلى السماء "يَسْتَمِعُونَ فِيهِ" كلام اللّه، وفيه هنا بمعنى عليه، لأن حروف الجر يخلف بعضها بعضا، لأن السلّم يستمع عليه لا فيه، أي هل أنهم يرقون فيسترقون السمع خبر السماء فيعلمون أن محمدا يموت قبلهم، وأنهم يظفرون بالعافية فيتمسكون بما هم عليه، فإن كان لزعمهم هذا من أصل "فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ" الذي سمع ذلك ونقله إليهم "بِسُلْطانٍ مُبِينٍ" ٣٨ يدل على صحة سماعه، وإذ لم يأتوا ولن يأتوا فادعاؤهم كاذب، وتربصهم هواء، وهذا إلزام خامس داحض تربصهم به ومحسئهم.