المسألة الخامسة :
ما الفائدة في تنكير الإيمان في قوله ﴿وأتبعناهم ذُرياتهم بِإيمان﴾ ؟ نقول هو إما التخصيص أو التنكير كأنه يقول : أتبعناهم ذرياتهم بإيمان مخلص كامل أو يقول أتبعناهم بإيمان ما أي شيء منه فإن الإيمان كاملاً لا يوجد في الولد بدليل أن من له ولد صغير حكم بإيمانه فإذا بلغ وصرّح بالكفر وأنكر التبعية قيل بأنه لا يكون مرتداً وتبين بقول إنه لم يتبع وقيل بأنه يكون مرتداً لأنه كفر بعد ما حكم بإيمانه كالمسلم الأصلي فإذن بهذا الخلاف تبين أن إيمانه يقوى وهذان الوجهان ذكرهما الزمخشري، ويحتمل أن يكون المراد غير هذا وهو أن يكون التنوين للعوض عن المضاف إليه كما في قوله تعالى :﴿بَعْضَهُم بِبَعْضٍ﴾ [ البقرة : ٢٥١ ] وقوله تعالى :﴿وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى﴾ [ النساء : ٩٥ ] وبيانه هو أن التقدير أتبعناهم ذرياتهم بإيمان أي بسبب إيمانهم لأن الاتباع ليس بإيمان كيف كان وممن كان، وإنما هو إيمان الآباء لكن الإضافة تنبىء عن تقييد وعدم كون الإيمان إيماناً على الإطلاق، فإن قول القائل ماء الشجر وماء الرمان يصح وإطلاق اسم الماء من غير إضافة لا يصح فقوله ﴿بإيمان﴾ يوهم أنه إيمان مضاف إليهم، كما قال تعالى :﴿فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمانهم لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا﴾ [ غافر : ٨٥ ] حيث أثبت الإيمان المضاف ولم يكن إيماناً، فقطع الإضافة مع إرادتها ليعلم أنه إيمان صحيح وعوض التنوين ليعلم أنه لا يوجب الأمان في الدنيا إلا إيمان الآباء وهذا وجه حسن.