وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ﴾
لما ذكر حال الكفار ذكر حال المؤمنين أيضاً ﴿ فَاكِهِينَ ﴾ أي ذوي فاكهة كثيرة ؛ يقال : رجل فاكه أي ذو فاكهة، كما يقال : لابِنٌ وتامِرٌ ؛ أي ذو لبن وتمر ؛ قال :
وغَرَرْتَنِي وزعمتَ أَن...
كَ لابِنٌ بالصَّيْفِ تَامِرْ
أي ذو لبن وتمر.
وقرأ الحسن وغيره :"فَكِهِينَ" بغير ألف ومعناه معجبين ناعمين في قول ابن عباس وغيره ؛ يقال : فَكِه الرجلُ بالكسر فهو فِكهٌ إذا كان طيّب النفس مزاحاً.
والفكه أيضاً الأشِر البِطر.
وقد مضى في "الدخان" القول في هذا.
﴿ بِمَآ آتَاهُمْ ﴾ أي أعطاهم ﴿ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الجحيم ﴾.
﴿ كُلُواْ واشربوا ﴾ أي يقال لهم ذلك.
﴿ هَنِيئَاً ﴾ الهنيء ما لا تنغيص فيه ولا نكد ولا كدر.
قال الزجاج : أي ليهنئكم ما صرتم إليه "هَنِيئاً".
وقيل : أي مُتِّعتم بنعيم الجنة إمتاعاً هنيئاً.
وقيل : أي كلوا واشربوا هنئتم "هَنِيئاً" فهو صفة في موضع المصدر.
وقيل :"هَنِيئاً" أي حلالاً.
وقيل : لا أذى فيه ولا غائلة.
وقيل :"هَنِيئاً" أي لا تموتون ؛ فإن ما لا يبقى أو لا يبقى الإنسان معه منغص غير هنيء.
قوله تعالى :﴿ مُتَّكِئِينَ على سُرُرٍ ﴾ سُرُر جمع سرير وفي الكلام حذف تقديره : متكئين على نمارق سرر.
﴿ مَّصْفُوفَةٍ ﴾ قال ابن الأعرابي : أي موصولة بعضها إلى بعض حتى تصير صفًّا.
وفي الأخبار أنها تصفّ في السماء بطول كذا وكذا ؛ فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت له، فإذا جلس عليها عادت إلى حالها.
قال ابن عباس : هي سرر من ذهب مكلّلة بالزبرجد والدر والياقوت، والسرير ما بين مكة وأيلة.
﴿ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴾ أي قرنَّاهم بهنّ.
قال يونس بن حبيب : تقول العرب زوجته امرأة وتزوّجت امرأة ؛ وليس من كلام العرب تزوّجت بامرأة.