وقال الثعالبى :
وقوله سبحانه :﴿ إِنَّ المتقين فِى جنات وَنَعِيمٍ... ﴾ الآية :
يحتمل أَنْ يكونَ من خطاب أهل النار، فيكون إخبارُهم بذلك زيادةً في غَمِّهِمْ وسُوءِ حالهم، نعوذ باللَّه من سخطه! ويحتمل، وهو الأظهر، أَنْ يكون إخباراً للنبيِّ ﷺ ومعاصريه، لما فَرَغَ من ذكر عذاب الكفار عَقَّبَ بذكر نعيم المتقين جعلنا اللَّه منهم بفضله ليبين الفرقَ، ويقعَ التحريضُ على الإيمان، والمتقون هنا : مُتَّقُو الشرك ؛ لأَنَّهم لا بُدَّ من مصيرهم إلى الجنات، وكلما زادت الدرجة في التقوى قَوِيَ الحصولُ في حكم الآية، حَتَّى إنَّ المتقين على الإطلاق هم في هذه الآية قطعاً على اللَّه تعالى بحكم خبره الصادق، وقرأ جمهور الناس :«فاكهين» ومعناه : فَرِحِينَ مسرورين، وقال أبو عُبَيْدَةَ : هو من باب :«لاَبِنٌ» و«تَامِرٌ»، أي : لهم فاكهة، قال * ع * : والمعنى الأَوَّلُ أبرع، وقرأ خالد فيما روى أبو حاتم :«فَكِهِينَ» والفَكِهُ والفاكه : المسرور المتنعم.
وقوله تعالى :﴿ بِمَا ءاتاهم رَبُّهُمْ ﴾ أي : من إنعامه ورضاه عنهم.
وقوله تعالى :﴿ ووقاهم رَبُّهُمْ عَذَابَ الجحيم ﴾ هذا متمكن في مُتَّقِي المعاصي، الذي لا يدخل النارَ ﴿ ووقاهم ﴾ مشتق من الوقاية، وهي الحائل بين الشيء وبين ما يضرُّه.
وقوله :﴿ كُلُواْ واشربوا ﴾ أي : يقال لهم : كلوا واشربوا، و ﴿ هَنِيئَا ﴾ نُصِبَ على المصدر.