وقوله :﴿ وَمَا ألتناهم ﴾ أي : نقصناهم، ومعنى الآية أَنَّ اللَّه سبحانهُ يُلْحِقُ الأبناء بالآباء، ولا يُنْقِصُ الآباء من أجورهم شيئاً، وهذا تأويل الجمهور، ويحتمل أَنْ يريدَ : مِنْ عمل الأَبناء من شيء من حسن أو قبيح، وهذا تأويل ابن زيد، ويُؤيِّدُهُ قوله سبحانه :﴿ كُلُّ امرىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ ﴾ والرهين : المُرْتَهِنُ، وفي هذه الألفاظ وعيد، وأمددتُ الشيءَ : إذا سرّبْتُ إليه شيئاً آخر يكثره أو يكثر لديه.
وقوله :﴿ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ إشارة إلى ما رُوِيَ من أَنَّ المُنَعَّمَ إذا اشتهى لحماً نزل ذلك الحيوان بين يديه على الهيئة التي اشتهاه فيها، وليس يكون في الجنة لحم يحتز، ولا يُتَكَلَّفُ فيه الذبح، والسلخ، والطبخ، وبالجملة لا كَلَفَةَ في الجنة، و ﴿ يتنازعون ﴾ معناه : يتعاطون ؛ ومنه قول الأخطل :[ البسيط ]
نَازَعْتُهُ طَيِّبَ الَّراحِ الشَّمُولِ وَقَد... صَاحَ الدَّجَاجُ وَحَانَتْ وَقْعَةُ السَّارِي
قال الفخر : ويحتمل أنْ يقال : التنازع : التجاذُبُ، وحينئذ يكون تجاذُبُهُمْ تجاذبَ مُلاَعَبَةٍ، لا تجاذب منازعة، وفيه نوعُ لَذَّةٍ، وهو بيان لما عليه حال الشُرَّابِ في الدنيا ؛ فإنَّهم يتفاخرون بكثرة الشرب، ولا يتفاخرون بكثرة الأكل، انتهى، والكأس : الإِناء فيه الشراب، ولا يقال في فارغ كأس ؛ قاله الزَّجَّاج، واللغو : السَّقَطُ من القول، والتأثيم : يلحق خَمْرَ الدنيا في نفس شُرْبِهَا وفي الأفعال التي تكون من شاربيها، وذلك كُلُّه مُنْتَفٍ في الآخرة.


الصفحة التالية
Icon