صاح الدجاج وحانت وقعة الساري
وقيل : التنازع مجاز عن التعاطي، والكأس مؤنث سماعي كالخمر، ولا تسمى كأساً على المشهور إلا إذا امتلأت خمراً أو كانت قريبة من الامتلاء، وقد تطلق على الخمر نفسها مجازاً لعلاقة المجاورة، وقال الراغب : الكأس الإناء بما فيه من الشراب ويسمى كل واحد منهما بانفراده كأساً، وفسرها بعضهم هنا بالإناء بما فيه من الخمر، وبعضهم بالخمر، والأول : أوفق بالتجاذب، والثاني : بقوله سبحانه :﴿ لاَّ لَغْوٌ فِيهَا ﴾ أي في شربها حيث لا يتكلمون في أثناء الشرب بلغو الحديث وسقط الكلام ﴿ وَلاَ تَأْثِيمٌ ﴾ ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله أي ينسب إلى الإثم لو فعله في دار التكليف كما هو ديدن الندامى في الدنيا وإنما يتكلمون بالحكم وأحاسن الكلام ويفعلون ما يفعله الكرام، وقرأ ابن كثير.
وأبو عمرو ﴿ لاَّ لَغْوٌ ﴾ ﴿ وَلاَ تَأْثِيمٌ ﴾ بفتحهما.
﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ ﴾ أي بالكأس ﴿ غِلْمَانٌ لَّهُمْ ﴾ أي مماليك مختصون بهم كما يؤذن به اللام ولم يقل غلمانهم بالإضافة لئلا يتوهم أنهم الذين كانوا يخدمونهم في الدنيا فيشفق كل من خدم أحداً في الدنيا أن يكون خادماً له في الجنة فيحزن بكونه لا يزال تابعاً، وقيل : أولادهم الذين سبقوهم فالاختصاص بالولادة لا بالملك، وفيه أن التعبير عنهم بالغلمان غير مناسب وكذا نسبة الخدمة إلى الأولاد لا تناسب مقام الامتنان ﴿ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ﴾ مصون في الصدف لم تنله الأيدي كما قال ابن جبير ووجه الشبه البياض والصفاء، وجوز أن يراد بمكنون مخزون لأنه لا يخزن إلا الحسن الغالي الثمن، أخرج عبد الرزاق.
وابن جرير.


الصفحة التالية
Icon