والتنكير في قوله :﴿ بإيمان ﴾ يحتمل أن يكون للتعظيم، أي بإيمان عظيم، وعظمتُه بكثرة الأعمال الصالحة، فيكون ذلك شرطاً في إلحاقهم بآبائهم وتكون النعمة في جعلهم في مكان واحد.
ويحتمل أن يكون للنوعية، أي بما يصدق عليه حقيقة الإِيمان.
وقرأ الجمهور ﴿ واتبعتهم ﴾ بهمزة وصل وبتشديد التاء الأولى وبتاء بعد العين هي تاء تأنيث ضمير الفعل.
وقرأه أبو عمرو وحده ﴿ وأتبعناهم ﴾ بهمزة قطع وسكون التاء.
وقوله :﴿ ذريتهم ﴾ الأول قرأه الجمهور بصيغة الإِفراد.
وقرأه أبو عمرو ﴿ ذرياتهم ﴾ بصيغة جمع ذرية فهو مفعول ﴿ أتبعناهم ﴾.
وقرأه ابن عامر ويعقوب بصيغة الجمع أيضاً لكن مرفوعاً على أنه فاعل ﴿ أتبعتهم ﴾، فيكون الإِنعام على آبائهم بإلحاق ذرياتهم بهم وإن لم يعملوا مثل عملهم.
وقد روى جماعة منهم الطبري والبزار وابن عديّ وأبو نعيم وابن مردويه حديثاً مسنداً إلى ابن عباس عن النبي ﷺ قال :" إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه ( أي في العمل كما صرح به في رواية القرطبي ) لتقرّ بهم عينُه ثم قرأ :﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ إلى قوله :﴿ من شيء ﴾ ".
وعلى الاحتمالين هو نعمة جمع الله بها للمؤمنين أنواع المسرّة بسعادتهم بمزاوجة الحور وبمؤانسة الإِخوان المؤمنين وباجتماع أولادهم ونسلهم بهم، وذلك أن في طبع الإنسان التأنس بأولاده وحبه اتصالهم به.


الصفحة التالية
Icon