ووصفه بمنشور يدل على وضوحه، فليس كالكتاب المطوي الذي لا يعلم ما انطوى عليه، والمنشور يعلم ما فيه، ولا يمنع من مطالعة ما تضمنه ؛ والواو الأولى واو القسم، وما بعدها للعطف.
والجملة المقسم عليها هي قوله :﴿ إن عذاب ربك لواقع ﴾.
وفي إضافة العذاب لقوله :﴿ ربك ﴾ لطيفة، إذ هو المالك والناظر في مصلحة العبد.
فبالإضافة إلى الرب، وإضافته لكاف الخطاب أمان له ( ﷺ ) ؛ وإن العذاب لواقع هو بمن كذابه، ولواقع على الشدة، وهو أدل عليها من لكائن.
ألا ترى إلى قوله :﴿ إذا وقعت الواقعة ﴾ وقوله :﴿ وهو واقع بهم ﴾ كأنه مهيأ في مكان مرتفع فيقع على من حل به؟ وعن جبير بن مطعم : قدمت المدينة لأسأل رسول الله ( ﷺ ) في أسارى بدر، فوافيته يقرأ في صلاة المغرب :﴿ والطور ﴾ إلى ﴿ إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع ﴾، فكأنما صدع قلبي، فأسلمت خوفاً من نزول العذاب، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب.
وقرأ زيد بن علي : واقع بغير لام.
قال قتادة : يريد عذاب الآخرة للكفار، أي لواقع بالكفار.
ومن غريب ما يحكى أن شخصاً رأى في النوم في كفه مكتوباً خمس واوات، فعبر له بخير، فسأل ابن سيرين، فقال : تهيأ لما لا يسر، فقال له : من أين أخذت هذا؟ فقال : من قوله تعالى :﴿ والطور ﴾ إلى ﴿ إن عذاب ربك لواقع ﴾، فما مضى يومان أو ثلاثة حتى أحيط بذلك الشخص.
وانتصب يوم بدافع، قاله الحوفي، وقال مكي : لا يعمل فيه واقع، ولم يذكر دليل المنع.
وقيل : هو منصوب بقوله :﴿ لواقع ﴾، وينبغي أن يكون ﴿ ماله من دافع ﴾ على هذا جملة اعتراض بين العامل والمعمول.
قال ابن عباس :﴿ تمور ﴾ : تضطرب.
وقال أيضاً : تشقق.
وقال الضحاك : يموج بعضها في بعض.
وقال مجاهد : تدور.
﴿ وتسير الجبال سيراً ﴾، هذا في أول الأمر، ثم تنسف حتى تصير آخراً


الصفحة التالية
Icon