والأصل في خوضهم المعروف منهم وقوله ﴿الذين هُمْ فِى خَوْضٍ﴾ ليس وصفاً للمكذبين بما يميزهم، وإنما هو للذم كما أنك تقول الشيطان الرجيم ولا تريد فصله عن الشيطان الذي ليس برجيم بخلاف قولك أكرم الرجل العالم، فالوصف بالرجيم للذم به لا للتعريف وتقول في المدح : الله الذي خلق، والله العظيم للمدح لا للتمييز ولا للتعريف عن إله لم يخلق أو إله ليس بعظيم، فإن الله واحد لا غير.
يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣)
فيه مباحث لفظية ومعنوية.
أما اللفظية ففيها مسائل :
المسألة الأولى :
﴿يوم﴾ منصوب بماذا ؟ نقول الظاهر أنه منصوب بما بعده وهو ما يدل عليه قوله تعالى :﴿هذه النار﴾ [ الطور : ١٤ ] تقديره يوم يدعون يقال لهم هذه النار التي كنتم بها تكذبون، ويحتمل غير هذا وهو أن يكون يوم بدلاً عن يوم في يومئذ تقريره فويل يومئذ للمكذبين ويوم يوعدون أي المكذبون وذلك أن قوله ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ [ الطور : ١١ ] معناه يوم يقع العذاب وذلك اليوم هو يوم يوعدون فيه إلى النار.
المسألة الثانية :
قوله ﴿يَدْعُونَ إِلَى النار﴾ يدل على هول نار جهنم، لأن خزنتها لا يقربون منها وإنما يدفعون أهلها إليها من بعيد ويلقونهم فيها وهم لا يقربونها.
المسألة الثالثة :
﴿دَعًّا﴾ مصدر، وقد ذكرت فائدة ذكر المصادر وهي الإيذان بأن الدع دع معتبر يقال له دع ولا يقال فيه ليس بدع، كما يقول القائل في الضرب الخفيف مستحقراً له : هذا ليس بضرب والعدو المهين : هذا ليس بعدو في غير المصادر، والرجل الحقير ليس برجل إلا على قراءة من قرأ ﴿يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دُعَاء﴾ فإن دعاء حينئذ يكون منصوباً على الحال تقديره يقال لهم هلموا إلى النار مدعوين إليها.


الصفحة التالية
Icon