وقد مضى في "براءة".
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ ﴾ "يَوْمَ" بدل من يومئذ.
و"يُدَعُّونَ" معناه يدفعون إلى جهنم بشدّة وعنف، يقال : دَعَعْتُه أدعُّه دعًّا أي دفعته، ومنه قوله تعالى :﴿ فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ اليتيم ﴾ [ الماعون : ٢ ].
وفي التفسير : إن خزنة جهنم يَغلُّون أيديهم إلى أعناقهم، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعونهم في النار دفعاً على وجوههم، وزَخًّا في أعناقهم حتى يرِدوا النار.
وقرأ أبو رجاء العطاردي وابن السَّمَيْقَع "يَوْمَ يُدعَوْنَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً" بالتخفيف من الدعاء فإذا دنوا من النار قالت لهم الخزنة :﴿ هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ في الدنيا.
قوله تعالى :﴿ أَفَسِحْرٌ هذا ﴾ استفهام معناه التوبيخ والتقريع ؛ أي يقال لهم :"أَفَسِحْرٌ هَذَا" الذي ترون الآن بأعينكم ﴿ أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ ﴾.
وقيل :"أَمْ" بمعنى بل ؛ أي بل كنتم لا تبصرون في الدنيا ولا تعقلون.
قوله تعالى :﴿ اصلوها ﴾ أي تقول لهم الخزنة ذوقوا حرّها بالدخول فيها.
﴿ فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ ﴾ أي سواء كان لكم فيها صبر أو لم يكن ف"سواء" خبره محذوف، أي سواء عليكم الجزع والصبر فلا ينفعكم شيء، كما أخبر عنهم أنهم يقولون :﴿ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا ﴾ [ إبراهيم : ٢١ ].
﴿ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon