قالوا : الشوق إلى الجنة، فقال : حق على الله أن يعطيكم ما ترجون ثم تركهم إلى ثلاثة آخرين فإذا هم أشد نحولاً وتغيراً، كأن وجوههم المرايا من النور، فقال : كيف بلغتم إلى هذه الدرجة، قالوا : بحب الله فقال عليه الصلاة والسلام :" أنتم المقربون إلى الله يوم القيامة "،
وعند السدي قال : تدعى الأمم يوم القيامة بأنبيائها، فيقال : يا أمة موسى، ويا أمة عيسى، ويا أمة محمد، غير المحبين منهم، فإنهم ينادون : يا أولياء الله، وفي بعض الكتب :" عبدي أنا وحقك لك محب فبحقي عليك كن لي محباً".
واعلم أن الأمة وإن اتفقوا في إطلاق هذه اللفظة، لكنهم اختلفوا في معناها، فقال جمهور المتكلمين : إن المحبة نوع من أنواع الإرادة، والإرادة لا تعلق لها إلا بالجائزات، فيستحيل تعلق المحبة بذات الله تعالى وصفاته، فإذا قلنا : نحب الله، فمعناه نحب طاعة الله وخدمته، أو نحب ثوابه وإحسانه، وأما العارفون فقد قالوا : العبد قد يحب الله تعالى لذاته، وأما حب خدمته أو حب ثوابه فدرجة نازلة، واحتجوا بأن قالوا إنا وجدنا أن اللذة محبوبة لذاتها، والكمال أيضاً محبوب لذاته، أما اللذة فإنه إذا قيل لنا : لم تكتسبون ؟ قلنا : لنجد المال، فإن قيل : ولم تطلبون المال ؟ قلنا : لنجد به المأكول والمشروب، فإن قالوا : لم تطلبون المأكول والمشروب ؟ قلنا : لتحصل اللذة ويندفع الألم،
فإن قيل لنا : ولما تطلبون اللذة وتكرهون الألم ؟