﴿وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ وهي جمع خطوة، واختلف أهل التفسير في المراد بها على أربعة أقاويل :
أحدها : أن خطوات الشيطان أعماله، وهو قول ابن عباس.
والثاني : أنها خطاياه وهو قول مجاهد.
والثالث : أنها طاعته، وهو قول السدي.
والرابع : أنها النذور في المعاصي. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٢٢٠﴾
وقال العلامة ابن عاشور :
واللام في ﴿الشيطان﴾ للجنس، ويجوز أن تكون للعهد، ويكون المراد إبليسَ وهو أصل الشياطين وآمرهم فكل ما ينشأ من وسوسة الشياطين فهو راجع إليه لأنه الذي خطا الخطوات الأولى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٠٣﴾
" طريقة الوسوسة الشّيطانية "
الآية الكريمة تحدثت عن أمر الشيطان : فقالت :(إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ...) وهذا الأمر هو الوسوسة الشيطانية. وقد يطرح سؤال بشأن هذه الأوامر الشيطانية إذ لا يحسّ الإنسان بأمر خارجي يصدر إليه حين يرتكب السيئات، ولا يتلمس سعياً شيطانياً لإضلاله.
الجواب هو أن هذه " الوسوسة" تأثير خفي عبّرت عنه بعض الآيات بالإيحاء :(وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيَائِهِمْ)(٤٨٦). والإيحاء من " الوحي" الذي هو تأثير غيبي خفي أو التأثيرات اللاواعية أحياناً.
وثمّة فرق بين " الإلهام الإلهي" و" الوسوسة الشيطانية" هو أن الإلهام الإلهي لانسجامه مع الفطرة الإنسانية ومع تركيب الجسم والروح، يترك في النفس حالة انبساط وانشراح.
بينما الوسوسة الشيطانية لتناقضها مع الفطرة الإنسانية السليمة، تجعل القلب يحسّ بظلام وانزعاج وثقل. وإن لم يحدث فيه مثل هذا الإحساس قبل ارتكاب السيئة فإنه يحسّ بها بعد الارتكاب. هذا هو الفرق بين الإلهامات الشيطانية والإلهامات الإلهية. أ هـ ﴿الأمثل حـ ١ صـ ٤٧٨ ـ ٤٧٩﴾