بحث نفيس فى الحلال
قال الأستاذ أبو الحسن الحرالي في كتاب العروة في حرف الحلال : وجه إنزال هذا الحرف توسيع الاستمتاع بما خلق الله في الأرض من نعمة وخيره الموافقة لطباعهم وأمزجتهم وقبول نفوسهم في جميع جهات الاستمتاع من طعام وشراب ولباس ومركب ومأوى وسائر ما ينتفع به مما أخرج الله سبحانه وتعالى ومما بثه في الأرض وما عملت أيديهم في ذلك من صنعة وتركيب ومزج ليشهدوا دوام لبس الخلق الجديد في كل خلق على حسب ما منه فطر خلقه ؛ ولما كان الإنسان مخلوقاً من صفاوة كل شيء توسع له بجهات الانتفاع بكل شيء إلا ما استثنى منه بحرف الحرام ووجهه كما استثنى لآدم أكل الشجرة من متسع رغد الجنة فكان له المتاع بجميعه إلا ما أضر ببدنه أو خبث نفسه أو ران على علم قلبه وذلك بأن يسوغ له طبعاً وتحسن مغبّته في أخلاق نفسه ويسنده قلبه لمنعمه الذي يشهد منه بداياته وتكملاته تجربة ثم كمل القرآن ذلك بإخلاصه للمنعم من غير أثر لما سواه فيه وجامع منزله بحسب ترتيب القرآن قوله تعالى ﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً﴾ [البقرة : ٢٩] ومن أوائله بحسب ترتيب - البيان والله سبحانه وتعالى أعلم ﴿هو الذي أنزل لكم من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون﴾ [النحل : ١٠] الآية وسائر الآيات الواردة في سورة النحل وفي سورة يس إذ هي القلب الذي منه مداد القرآن كله في قوله تعالى :﴿وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون﴾ [يس : ٢٣] الآيات إلى سائر ما في القرآن من نحوه، ومن متسع خلال هذا الحرف وقعت الفتنة على الخلق بما زين لهم منه ﴿زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين﴾ [آل عمران : ١٤] الآية ووجه فتنته أن على قدر التبسط فيه يحرم من طيب الآخرة ﴿أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها﴾ [الأحقاف : ٢٠] " إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة " ﴿فاستمتعوا بخلاقهم﴾ [التوبة : ٦٩] ومن رؤية سوء هذا المخبر نشأ