كلام نفيس للعلامة ابن القيم فى الآية الكريمة
هذا قلب المؤمن توحيد الله وذكر رسوله مكتوبان فيه لا يتطرق إليهما محو ولا إزالة ولما كانت كثرة ذكر الشيء موجبة لدوام محبته ونسيانه سببا لزوال محبته أو إضعافها وكان سبحانه هو المستحق من عبادة نهاية الحب مع نهاية التعظيم بل الشرك الذي لا يغفره الله تعالى هو أن يشرك به في الحب والتعظيم فيحب غيره ويعظم من المخلوقات غيره كما يحب الله تعالى ويعظمه قال تعالى ﴿ومن الناس من يتخذ من دونه الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله﴾ [البقرة ١٦٥] فأخبر سبحانه أن المشرك يحب الند كما يحب الله تعالى وأن المؤمن أشد حبا لله من كل شيء وقال أهل النار في النار ﴿تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين﴾ [الشعراء ٩٧ ـ ٩٨] ومن المعلوم أنهم إنما سووهم به سبحانه في الحب والتأله والعبادة وإلا فلم يقل أحد قط أن الصنم أو غيره من الأنداد مساو لرب العالمين في صفاته وفي أفعاله وفي خلق السماوات والأرض وفي خلق عباده أيضا، وإنما كانت السوية في المحبة والعبادة
وأضل من هؤلاء وأسوأ حالا من سوى كل شيء بالله سبحانه في الوجود وجعله وجود كل موجود كامل أو ناقص فإذا كان الله قد حكم بالضلال والشقاء لمن سوى بينه وبين الأصنام في الحب مع اعتقادههم تفاوت ما بين الله وبين خلقه في الذات والصفات والأفعال فكيف بمن سوى الله بالموجودات في جميع ذلك وزعم أنه ما عبد غير الله في كل معبود ؟ ؟!!!
أهـ ﴿جلاء الأفهام صـ ٣٠٥ ـ صـ ٣٠٦ ﴾