الجواب : أصل السبب في اللغة الحبل قالوا : ولا يدعى الحبل سبباً حتى ينزل ويصعد به، ومنه قوله تعالى :﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السماء﴾ [الحج : ١٥] ثم قيل لكل شيء وصلت به إلى موضع أو حاجة تريدها سبب.
يقال : ما بيني وبينك سبب أي رحم ومودة، وقيل للطريق : سبب لأنك بسلوكه تصل الموضع الذي تريدها، قال تعالى :﴿فَأَتْبَعَ سَبَباً﴾ [الكهف : ٨٥] أي طريقاً، وأسباب السماوات : أبوابها لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها، قال تعالى مخبراً عن فرعون :﴿لَّعَلّى أَبْلُغُ الأسباب أسباب السموات﴾ [غافر : ٣٦، ٣٧] قال زهير :
ومن هاب أسباب المنايا تناله.
ولو رام أسباب السماء بسلم
والمودة بين القوم تسمى سبباً لأنهم بها يتواصلون.
أما قوله تعالى :﴿وَقَالَ الذين اتبعوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تبرؤا مِنَّا﴾ فذلك تمن منهم لأن يتمكنوا من الرجعة إلى الدنيا وإلى حال التكليف فيكون الاختيار إليهم حتى يتبرؤن منهم في الدنيا كما تبرؤا منهم يوم القيامة، ومفهوم الكلام أنهم تمنوا لهم في الدنيا ما يقارب العذاب فيتبرؤن منهم ولا يخلصونهم ولا ينصرونهم كما فعلوا بهم يوم القيامة وتقديره : فلو أن لنا كرة فنتبرأ منهم وقد دهمهم مثل هذا الخطب كما تبرؤا منا والحالة هذه لأنهم إن تمنوا التبرأ منهم مع سلامة فليس فيه فائدة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ٤ صـ ١٩٠﴾
فائدة لغوية
الباءُ في " بهم " فيها أربعةُ أوْجُه :
أحدها : أَنَّها للحالِ، أي : تقطَّعَتْ موصُولةً بهم الأسْبَاب ؛ نحو :" خَرَجَ بِثِيَابِهِ ".
الثَّانِي : أن تكُونَ للتعديَة، اي : قَطَّعَتْهُم الأَسْبَابُ ؛ كما تقول : تَفَرَّقَتْ بهم الطُّرُقُ، أي : فَرَّقَتْهُمْ.
الثالث : أن تكون للسببيّة، أي : تقطَّعت [بسبَب كُفْرهمُ الأَسْبَابُ الَّتي كانُوا يرْجُون بها النَّجَاةَ].


الصفحة التالية
Icon