﴿حتى﴾ ينصب ما بعدها من الفعل المستقبل تارة ويرفع أخرى والفاصل بينهما أن الفعل إذا كان مستقبلاً منتظراً لا يقع في الحال ينصب تقول تعلمت الفقه حتى ترتفع درجتي فإنك تنتظره وإن كان حالاً يرفع تقول أكرر حتى تسقط قوتي ثم أنام، والسبب فيه هو أن حتى المستقبل للغاية ولام التعليل للغرض والغرض غاية الفعل، تقول لم تبنى الدار يقول للسكنى أنصار قوله حتى ترفع كقوله لأرفع وفيهما إضمار أن، فإن قيل ما قلت شيئاً وما ذكرت السبب في النصب عند إرادة الاستقبال والرفع عند إرادة الحال، نقول الفعل المستقبل إذا كان منتظراً وكان تصب العين ومنصوباً لدى الذهن يرقبه يفعل بلفظه ما كان في معناه، ولهذا قالوا في الإضافة أن المضاف لما جر أمراً إلى أمر في المعنى جزء في اللفظ، والذي يؤيد ما ذكرنا أن الفعل إنما ينصب بأن ولن وكي وإذن، وخلوص الفعل للاستقبال في هذه المواضع لازم والحرف الذي يجعل الفعل للحال يمنع النصب حيث لا يجوز أن تقول إن فلاناً ليضرب فإن قيل : السين وسوف مع أنهما يخلصان الفعل للاستقبال لا ينصبان ويمنعان النصب بالناصب كما في قوله تعالى :﴿عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مرضى﴾ [ المزمل : ٢٠ ] نقول : سوف والسين ليسا بمعنى غير اختصاص الفعل بالاستقبال وأن ولن بمعنى لا يصح إلا في الاستقبال فلم يثبت بالسين إلا الاستقبال ولم يثبت به معنى في الاستقبال والمنتظر هو ما في الاستقبال لا نفس الاستقبال، مثاله إذا قلت أعبد الله كي يغفر لي أو ليغفر لي أثبتت كي غرضاً وهو المغفرة، وهي في المستقبل من الزمان، وإذا قلت : أستغفرك ربي أثبتت السين استقبال المغفرة، وفرق بين ما يكون المقصود من الكلام بيان الاستقبال، لكن الاستقبال لا يوجد إلا في معنى فأتى بالمعنى ليبين به الاستقبال وبين ما يكون المقصود منه معنى في المستقبل فتذكر الاستقبال لتبين محل مقصودك.


الصفحة التالية
Icon