ما وجه تعلق الباء ههنا قلنا قد ظهر من جميع الوجوه، أما إن قلنا بأنه للحفظ فتقديره محفوظ بأعيننا، وإن قلنا للعلم فمعناه بمرأى منا أي بمكان نراك وتقديره فإنك بأعيننا مرئي وحينئذ هو كقول القائل رأيته بعيني كما يقال كتب بالقلم الآلة وإن كان رؤية الله ليست بآلة، فإن قيل فما الفرق في الموضعين حيث قال في طه ﴿على عَيْنِى﴾ [ طه : ٣٩ ] وقال ههنا ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ وما الفرق بين على وبين الباء نقول معنى على هناك هو أنه يرى على ما يرضاه الله تعالى، كما يقول أفعله على عيني أي على رضاي تقديره على وجه يدخل في عيني وألتفت إليه فإن من يفعل شيئاً لغيره ولا يرتضيه لا ينظر فيه ولا يقلب عينه إليه والباء في قوله ﴿وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ قد ذكرناها وقوله ﴿حِينَ تَقُومُ﴾ فيه وجوه الأول : تقوم من موضعك والمراد قبل القيام حين ما تعزم على القيام وحين مجيء القيام، وقد ورد في الخبر أن من قال :"سبحان الله" من قبل أن يقوم من مجلسه يكتب ذلك كفارة لما يكون قد صدر منه من اللفظ واللغو في ذلك المجلس الثاني : حين تقوم من النوم، وقد ورد أيضاً فيه خبر يدل على أنه ﷺ كان "يسبح بعد الانتباه" الثالث : حين تقوم إلى الصلاة وقد ورد في الخبر أنه ﷺ كان يقول في افتتاح الصلاة " سبحانك اللّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " الرابع : حين تقوم لأمر ما ولا سيما إذا قمت منتصباً لمجاهدة قومك ومعاداتهم والدعاء عليهم ﴿فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ وبدل قيامك للمعاداة وانتصابك للانتقام بقيامك لذكر الله وتسبيحه الخامس :﴿حِينَ تَقُومُ﴾ أي بالنهار، فإن الليل محل السكون والنهار محل الابتغاء وهو بالقيام أولى، ويكون كقوله ﴿وَمِنَ الليل فَسَبّحْهُ﴾ إشارة إلى ما بقي من الزمان وكذلك ﴿وإدبار النجوم﴾ [ الطور : ٤٩ ] وهو أول الصبح.
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)