وقال ابن عطية :
ثم وصفهم تعالى بأنهم على الغاية من العتو والتمسك بالأقوال الباطلة في قوله :﴿ وإن يروا كسفاً ﴾ الآية، وذلك أن قريشاً كان في جملة ما اقترحت به أن تنزل من السماء عليها كسف وهي القطع، واحدها كسفة، وتجمع أيضاً على كسف كثمرة وتمر، قال الرماني : هي التي تكون بقدر ما يكسف ضوء الشمس. فأخبر الله عنهم في هذه الآية أنهم لو رأوا كسفاً ﴿ ساقطاً ﴾ حسب اقتراحهم لبلغ بهم العتو والجهل والبعد عن الحق أن يغالطوا أنفسهم وغيرهم ويقولوا هذا ﴿ سحاب مركوم ﴾. أي كثيف قد تراكم بعضه فوق بعض، ولهذه الآية نظائر في آيات أخر.
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥)
قوله :﴿ فذرهم ﴾ وما جرى مجراه من الموادعة منسوخ بآية السيف.
وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو بخلاف عنه " يلقوا "، والجمهور على " يلاقوا ".
واختلف الناس في اليوم الذي توعدوا به، فقال بعض المتأولين : هو موتهم واحداً واحداً وهذا على تجوز، والصعق : التعذب في الجملة وإن كان الاستعمال قد كثر فيه فيما يصيب الإنسان من الصيحة المفرطة ونحوه. ويحتمل أن يكون اليوم الذي توعدوا به يوم بدر، لأنهم عذبوا فيه، وقال الجمهور : التوعد بيوم القيامة، لأن فيه صعقة تعم جميع الخلائق، لكن لا محالة أن بين صعقة المؤمن وصعقة الكافر فرقاً.
وقرأ جمهور القراء :" يصعِقون " من صعق الرجل بكسر العين. وقرأ أبو عبد الرحمن :" يَصعِقون " بفتح الياء وكسر العين. وقرأ عاصم وابن عامر وأهل مكة في قول شبل :" يُصعقون " بضم الياء، وذلك من أصعق الرجل غيره. وحكى الأخفش : صُعِق الرجل بضم الصاد وكسر العين.
قال أبو علي : فجائز أن يكون منه فهو مثل يضربون، قال أبو حاتم : وفتح أهل مكة الياء في قول إسماعيل. و: ﴿ يغني ﴾ يكون منه غناء ودفاع.


الصفحة التالية
Icon