وأم هذه أيضاً على ما ذكرنا متصلة تقديرها أنزل عليهم ذكر ؟ أم تأمرهم أحلامهم بهذا ؟ وذلك لأن الأشياء إما أن تثبت بسمع وإما أن تثبت بعقل فقال هل ورد أمر سمعي ؟ أم عقولهم تأمرهم بما كانوا يقولون ؟ أم هم قوم طاغون يغترون، ويقولون ما لا دليل عليه سمعاً ولا مقتضى له عقلاً ؟ والطغيان مجاوزة الحد في العصيان وكذلك كل شيء ظاهره مكروه، قال الله تعالى :﴿إِنَّا لَمَّا طَغَا الماء﴾ [ الحاقه : ١١ ] وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
إذا كان المراد ما ذكرت فلم أسقط ما يصدر به ؟ تقول لأن كون ما يقولون به مسنداً إلى نقل معلوم عدمه لا ينفى، وأما كونه معقولاً فهم كانوا يدعون أنه معقول، وأما كونهم طاغين فهو حق، فخص الله تعالى بالذكر ما قالوا به وقال الله به، فهم قالوا نحن نتبع العقل، والله تعالى قال هم طاغون فذكر الأمرين اللذين وقع فيهما الخلاف.
المسألة الثانية :
قوله ﴿تَأْمُرُهُمْ أحلامهم﴾ إشارة إلى أن كل ما لا يكون على وفق العقل، لا ينبغي أن يقال، وإنما ينبغي أن يقال ما يجب قوله عقلاً، فهل صار ( كل ) واجب عقلاً مأموراً به.
المسألة الثالثة :