الثاني : قالت المعتزلة الحديث محدث والقرآن سماه حديثاً فيكون محدثاً، نقول الحديث اسم مشترك، يقال للمحدث والقديم، ولهذا يصح أن يقال هذا حديث قديم بمعنى متقادم العهد لا بمعنى سلب الأولية وذلك لا نزاع فيه.
الثالث : النحاة يقولون الصفة تتبع الموصوف في التعريف والتنكير، لكن الموصوف حديث وهو منكر ومثل مضاف إلى القرآن والمضاف إلى المعرف معرف، فكيف هذا ؟ نقول مثل وغير لا يتعرفان بالإضافة وكذلك كل ما هو مثلهما والسبب أن غير أو مثلاً وأمثالهما في غاية التنكير، فإنك إذا قلت ما رأيت شيئاً مثل زيد يتناول كل شيء فإن كل شيء مثل زيد في كونه شيئاً، فالجماد مثله في الجسم والحجم والإمكان، والنبات مثله في النشوء والنماء والذبول والفناء، والحيوان مثله في الحركة والإدراك وغيرهما من الأوصاف، وأما غير فهو عند الإضافة ينكر وعند قطع الإضافة ربما يتعرف فإنك إذا قلت غير زيد صار في غاية الإيهام فإنه يتناول أموراً لا حصر لها، وأما إذا قطعته عن الإضافة ربما تقول الغير والمغايرة من باب واحد وكذلك التغير فتجعل الغير كأسماء الأجناس، أو تجعله مبتدأ وتريد به معنى معيناً.
الرابع :﴿إِن كَانُواْ صادقين﴾ أي في قولهم ﴿تَقَوَّلَهُ﴾ [ الطور : ٣٣ ] وقد ذكرنا أن ذلك راجع إلى ما سبق من أنه كاهن وأنه مجنون، وأنه شاعر، وأنه متقول، ولو كانوا صادقين في شيء من ذلك لهان عليهم الإتيان بمثل القرآن، ولما امتنع كذبوا في الكل.


الصفحة التالية