أي المنايا ؛ يقول : إن الضرب يجمع بين قوم متفرّقي الأمكنة لو أتتهم مناياهم في أماكنهم لأتتهم متفرقة، فاجتمعوا في موضع واحد فأتتهم المنايا مجتمعة.
وقال السدّي عن أبي مالك عن ابن عباس :"رَيْبَ" في القرآن شكٌّ إلا مَكاناً واحداً في الطور "رَيْبَ الْمَنُونِ" يعني حوادث الأمور ؛ وقال الشاعر :
تَرَبَّصْ بها رَيْبَ الْمَنُونِ لَعَلَّها...
تُطَلَّقُ يوماً أو يَموتُ حَلِيلُها
وقال مجاهد :﴿ رَيْبَ المنون ﴾ حوادث الدهر، والمنون هو الدهر ؛ قال أبو ذُؤَيْب :
أَمِنَ الْمَنُونِ ورَيْبِه تَتَوجَّعُ...
والدَّهْرُ لَيس بمُعْتِبٍ مَنْ يَجزَعُ
وقال الأعشى :
أَأَنْ رَأَتْ رجلاً أَعْشَى أَضَرَّ بِهِ...
رَيْب المنونِ ودَهرٌ مُتْبِلٌ خَبِل
قال الأصمعي : المنون الليل والنهار ؛ وسميا بذلك لأنهما ينقصان الأعمار ويقطعان الآجال.
وعنه : أنه قيل للدهر منون، لأنه يذهب بمُنَّة الحيوان أي قوتِه وكذلك المنِيَّة.
أبو عبيدة : قيل للدهر منون ؛ لأنه مُضْعِف، من قولهم حَبْلٌ منِين أي ضعيف، والمنين الغبار الضعيف.
قال الفراء : والمنون مؤنثة وتكون واحداً وجمعاً.
الأصمعي : المنون واحد لا جماعة له.
الأخفش : هو جماعة لا واحد له، والمنون يذكر ويؤنّث ؛ فمن ذكّره جعله الدهر أو الموت، ومن أنّثه فعلى الحمل على المعنى كأنه أراد المنية.
قوله تعالى :﴿ قُلْ تَرَبَّصُواْ ﴾ أي قل لهم يا محمد تربصوا أي انتظروا.
﴿ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربصين ﴾ أي من المنتظرين بكم العذاب ؛ فعُذِّبوا يوم بدر بالسيف.
قوله تعالى :﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ ﴾ أي عقولهم ﴿ بهاذآ ﴾ أي بالكذب عليك.
﴿ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ أي أم طَغَوْا بغير عقول.
وقيل :"أَمْ" بمعنى بل ؛ أي بل كفروا طغياناً وإن ظهر لهم الحق.