وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل؟ فقال : تلك عقول كادها الله ؛ أي لم يصحبها بالتوفيق.
وقيل :"أَحْلاَمُهُمْ" أي أذهانهم ؛ لأن العقل لا يُعطَى للكافر ولو كان له عقل لآمن.
وإنما يعطى الكافر الذهن فصار عليه حجة.
والذِّهن يقبل العلم جملةً، والعقل يميّز العلم ويقدر المقادير لحدود الأمر والنهي.
وروي عن النبيّ ﷺ " أن رجلاً قال : يا رسول الله، ما أعقل فلاناً النصراني! فقال :"مَهْ إنّ الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى :﴿ وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا في أَصْحَابِ السعير ﴾ " " وفي حديث ابن عمر :" فزجره النبيّ ﷺ، ثم قال :"مَهْ فإن العاقل من يعمل بطاعة الله" " ذكره الترمذي الحكيم أبو عبد الله بإسناده.
﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ﴾ أي افتعله وافتراه، يعني القرآن.
والتقوّل تكلُّف القول، وإنما يستعمل في الكذب في غالب الأمر.
ويقال قوّلتني ما لم أقل! وأقْوَلتني ما لم أقل ؛ أي ادعيته عليّ.
وتَقَوَّل عليه أي كذب عليه.
واقتال عليه تحكَّم قال :
ومَنْزِلةٌ في دارِ صِدْقٍ وغِبْطَةٍ...
ومَا اقتال مِن حُكْمٍ عَلَيَّ طَبِيبُ
فأم الأولى للإنكار والثانية للإيجاب أي ليس كما يقولون.
﴿ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ ﴾ جَحداً واستكبارا.
﴿ فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ ﴾ أي بقرآن يشبهه من تلقاء أنفسهم ﴿ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ ﴾ في أن محمداً افتراه.
وقرأ الجحدري ﴿ فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ ﴾ بالإضافة.
والهاء في "مثله" للنبيّ ﷺ، وأضيف الحديث الذي يراد به القرآن إليه لأنه المبعوث به.
والهاء على قراءة الجماعة للقرآن. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٧ صـ ﴾