وهذه الجملة معترضة بين ما قبلها وبين قوله "لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا" من السوء "وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١" أي الجزاء الحسن وفي الجنة أيضا لقاء عملهم الحسن، لأن اللّه تعالى لم يخلق الجنة والنار إلا ليكافيء المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
مطلب الآية المدنية ومعنى الكبائر والصغائر :
وهذه الآية المدنية المستثناة في هذه السورة قال تعالى "الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ" منها المستوجبة للحد الشرعي (إلا اللّمم) صغائر الذنوب، وهذا استثناء منطقع، لأن اللّمم ليس من الكبائر والفواحش، فهو كالقبلة والنظرة والغمزة والشتم بغير اذن وما ضاهى ذلك، وسبب نزولها قول المشركين ان المسلمين بالأمس كانوا يعملون ما نعمل والآن يعيبوننا به.
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال إن اللّه عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنى العين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي والفرج، يصدق ذلك أو يكذبه.
ولمسلم قال كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل
زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه.