قال تعالى :"وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ" راجع تفسيرها في الآية ٣ من سورة الليل المارة، وكذلك ما يتعلق في قوله :"الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ٤٥" المخلوقين "مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى ٤٦" تقذف وتنصب في الرحم (أما النبات فبالاختلاط والتلقيح...) وفي هذا تنبيه عظيم على قدرة القادر وعظمها وكمالها، لأن النطفة واحدة ويكون فيها أنثى وذكر بتقديره، وهذا مما لم يصل إليه الفهم ولم يتصوره العقل بعد، لأنهم حتى بعد تكوينه ووجوده في الرحم لم يعرفوا ما في الرحم هل هو ذكر أم أنثى ؟ حتى ولا بعد تمام خلقه، لذلك كان في الخمس التي لا يعلمهن على الحقيقة إلا اللّه "وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى ٤٧" الإحياء بعد الإماتة للحساب والجزاء كما كان عليه النشأة الأولى للعمل والثواب "وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى " عباده من الذهب والفضة والجواهر، وصنوف الأموال، وإضراب الأعيان، مما يدخر ومما لا "وَأَقْنى ٤٨" خلقه المذكورين من الإبل والبقر والغنم والخيل والحمير والبغال وسائر أصناف النعم والمواشي "وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى ٤٩" هي نجمتان الأولى شامية والأخرى يمانية وتفصل بينهما المجرة، فالأول كوكب يضيء خلف الجوزاء
ويسمى العبور، والأخرى كوكب في ذراع الأسد المبسوط وتسمى العميصاء وهي أخفى من العبور، وسميت عبورا بفتح العين لأنها عبرت المجرة فلقيت سهيلا، وكانت خزاعة تعبدها، وأول من سنّ لهم عبادتها شريفهم أبو كبشة لأن سيرها يخالف سير النجوم لأنها تقطع السماء طولا والنجوم عرضا فأخبرهم اللّه بأنه هو رب معبودهم، ولذلك لقب أبو جهل غضب اللّه عليه حضرة الرسول صلوات اللّه عليه بابن أبي كبشة، لأنه جاءهم على ما يزعم بدين على خلاف دينهم الذي اعتادت العرب عليه تشبها له به في خلافه إياهم كما خالفهم أبو كبشة، وإنما خص اللّه تعالى الشعرى بالذكر دون غيرها لهذا السبب.