والسبب في سجود المشركين أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم كان إذا قرأ يرتل القرآن ويفصل الآي أي يسكت سكتة خفيفة بين الآيتين، ولما قرأ (أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) إلخ بمحضر المسلمين وقريش، ترصد الشيطان تلك السكتة فدسّ فيها ما اختلقه وهو جملة (تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى) محاكيا بها صوت النبي صلّى اللّه عليه وسلم فسمعه ممن دنا من الكفار فظنوها من الرسول ورأوه قد سجد هو ومن معه من المؤمنين فسجدوا معه، سرورا بذكر آلهتهم وشاع الخبر في الآفاق حتى ان المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة أوائل سنة خمس من البعثة سنة نزول هذه السورة عادوا فرأوا الأمر على خلاف ما سمعوا فمنهم من دخل بجيرة غيره ومنهم من اختبأ ومنهم من عاد لهجرته، ولما عرف رسول اللّه ذلك حزن وضاق، فأنزل اللّه عليه مساء ذلك اليوم تسلية له وتعزية عما لحقه من الأسف قوله جل قوله "وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ" الآية ٥٢ فما بعدها إلى ٥٥ من سورة الحج من ج ٣، ومعنى تمنى قرأ، قال حسان في عثمان بن عفان رضي اللّه عنهما حين قتل وهو يقرأ :
تمنى كتاب اللّه أول ليلة وآخرها لاقى حمام المقادر
وقال غيره :
تمنى كتاب اللّه أول ليلة تمني داود الزبور على رسل