ما معنى ﴿مَا كَذَبَ﴾ ؟ نقول فيه وجوه : الوجه الأول : ما قاله الزمخشري وهو أن قلبه لم يكذب وما قال إن ما رآه بصرك ليس بصحيح، ولو قال فؤاده ذلك لكان كاذباً فيما قاله وهو قريب مما قاله المبرد حيث قال : معناه صدق الفؤاد، فيما رأى، ( رأى ) شيئاً فصدق فيه الثاني : قرىء ﴿مَا كَذَبَ الفؤاد﴾ بالتشديد ومعناه ما قال إن المرئي خيال لا حقيقة له الثالث : هو أن هذا مقرر لما ذكرنا من أن محمداً ﷺ، لما رأى جبريل عليه السلام خلق الله له علماً ضرورياً علم أنه ليس بخيال وليس هو على ما ذكرنا قصد الحق، وتقديره ما جوّز أن يكون كاذباً وفي الوقوع وإرادة نفي الجواز كثير قال الله تعالى :﴿لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَىْء﴾ [ غافر : ١٦ ] وقال :﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار﴾ [ الأنعام : ١٠٣ ] وقال :﴿وَمَا رَبُّكَ بغافل﴾ [ النمل : ٩٣ ] والكل لنفي الجواز بخلاف قوله تعالى :﴿لاَ نُضِيعُ أَجْرَ المحسنين﴾ [ يوسف : ٥٦ ] و ﴿لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾ [ الكهف : ٣٠ ]، و ﴿لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ [ النساء : ٤٨ ] فإنه لنفي الوقوع.
المسألة الثالثة :
الرائي في قوله ﴿مَا رأى﴾ هو الفؤاد أو البصر أو غيرهما ؟ نقول فيه وجوه الأول : الفؤاد كأنه تعالى قال : ما كذب الفؤاد ما رآه الفؤاد أي لم يقل إنه جني أو شيطان بل تيقن أن ما رآه بفؤاده صدق صحيح الثاني : البصر أي ما كذب الفؤاد ما رآه البصر، ولم يقل إن ما رآه البصر خيال الثالث : ما كذب الفؤاد ما رأى محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا على قولنا الفؤاد للجنس ظاهر أي القلوب تشهد بصحة ما رآه محمد ﷺ ( من الرؤيا ) وإن كانت الأوهام لا تعترف بها.
المسألة الرابعة :


الصفحة التالية
Icon