ولما كان من عادة من سلم من الذنوب أن يفتخر على من قارفها لما بني الإنسان عليه من محبة الفخر لما جبل عليه من النقصان، وكان حاله قد يتبدل فيسبق عليه الكتاب فيشقى، سبب عن ذلك قوله :﴿فلا تزكوا﴾ أي تمدحوا بالزكاة وهو البركة والطهارة عن الدناءة ﴿أنفسكم﴾ أي حقيقة بان يثني على نفسه فإن تزكيته لنفسه من علامات كونه محجوباً عن الله - قال القشيري - أو مجازاً بأن يثني على غيره من إخوانه فإنه كثيراً ما يثني بشيء فيظهر خلافه، وربما حصل له الأذى بسببه " وإن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع " الحديث، ولذلك علل بقوله :﴿هو أعلم﴾ أي منكم ومن جميع الخلق ﴿بمن اتقى﴾ أي جاهد نفسه حتى حصل فيه تقوى، فهو يوصله فوق ما يؤمل من الثواب في الدارين، فكيف بمن صارت له التقوى وصفاً ثابتاً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ٣٢٧ ـ ٣٢٩﴾