﴿الذى﴾ على ما قال بعض المفسرين عائد إلى معلوم، وهو ذلك الرجل وهو الوليد، والظاهر أنه عائد إلى مذكور، فإن الله تعالى قال من قبل ﴿فَأَعْرَضَ عن مَّن تولى عَن ذِكْرِنَا﴾ وهو المعلوم لأن الأمر بالإعراض غير مختص بواحد من المعاندين فقال :﴿أَفَرَأَيْتَ الذى تولى﴾ أي الذي سبق ذكره، فإن قيل : كان ينبغي أن يقول الذين تولوا، لأن ( من ) في قوله :﴿الذى تولى﴾ للعموم ؟ نقول : العود إلى اللفظ كثير شائع قال تعالى :﴿مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ﴾ [ القصص : ٨٤ ] ولم يقل فلهم.
المسألة الرابعة :
قوله تعالى :﴿وأعطى قَلِيلاً﴾ ما المراد منه ؟ نقول : على ما تقدم هو المقدار الذي أعطاه الوليد، وقوله :﴿وأكدى﴾ هو ما أمسك عنه ولم يعط الكل، وعلى هذا لو قال قائل إن الإكداء لا يكون مذموماً لأن الإعطاء كان بغير حق، فالامتناع لا يذم عليه، وأيضاً فلا يبقى لقوله ﴿قَلِيلاً﴾ فائدة، لأن الإعطاء حينئذ نفسه يكون مذموماً، نقول فيه بيان خروجهم عن العقل والعرف أما العقل فلأنه منع من الإعطاء لأجل حمل الوزر، فإنه لا يحصل به، وأما العرف فلأن عادة الكرام من العرب الوفاء بالعهد، وهو لم يف به حيث التزم الإعطاء وامتنع، والذي يليق بما ذكرنا هو أن نقول : تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا، يعني إعطاء ما وجب إعطاؤه في مقابلة ما يجب لإصلاح أمور الآخرة، ويقع في قوله تعالى :﴿أعندهُ عِلْمُ الغيب﴾ في مقابلة قوله تعالى :