أن ﴿مَا﴾ خبرية أو مصدرية ؟ نقول : كونها مصدرية أظهر بدليل قوله تعالى :﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يرى﴾ أي سوف يرى المسعي، والمصدر للمفعول يجيء كثيراً يقال : هذا خلق الله أي مخلوقه.
المسألة الثالثة :
المراد من الآية بيان ثواب الأعمال الصالحة أو بيان كل عمل، نقول : المشهور أنهما لكل عمل فالخير مثاب عليه والشر معاقب به والظاهر أنه لبيان الخيرات يدل عليه اللام في قوله تعالى :﴿للإنسان﴾ فإن اللام لعود المنافع وعلى لعود المضار تقول : هذا له، وهذا عليه، ويشهد له ويشهد عليه في المنافع والمضار، وللقائل الأول أن يقول : بأن الأمرين إذا اجتمعا غلب الأفضل كجموع السلامة تذكر إذا اجتمعت الإناث مع الذكور، وأيضاً يدل عليه قوله تعالى :﴿ثُمَّ يُجْزَاهُ الجزاء الأوفى﴾ [ النجم : ٤١ ] والأوفى لا يكون إلا في مقابلة الحسنة، وأما في السيئة فالمثل أو دونه العفو بالكلية.
المسألة الرابعة :
﴿إِلاَّ مَا سعى﴾ بصيعة الماضي دون المستقبل لزياد الحث على السعي في العمل الصالح وتقريره هو أنه تعالى لو قال : ليس للإنسان إلا ما يسعى، تقول النفس إني أصلي غداً كذا ركعة وأتصدق بكذا درهماً، ثم يجعل مثبتاً في صحيفتي الآن لأنه أمر يسعى وله فيه ما يسعى فيه، فقال : ليس له إلا ما قد سعى وحصل وفرغ منه، وأما تسويلات الشيطان وعداته فلا اعتماد عليها.
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (٤١)


الصفحة التالية
Icon