واجب فيبعد إذاً وجوبه، فلو كان واجبان في الوجود لكان كل واحد قبل المنتهى لأن المجموع قبله الواجب فهو المنتهى وهذان دليلان ذكرتهما على وجه الاختصار.
المسألة الثانية :
قوله تعالى :﴿إلى رَبّكَ المنتهى﴾ في المخاطب وجهان : أحدهما : أنه عام تقديره إلى ربك أيها السامع أو العاقل ثانيهما : الخطاب مع النبي ﷺ وفيه بيان صحة دينه فإن كل أحد كان يدعى رباً وإلهاً، لكنه ﷺ لما قال :
" ربي الذي هو أحد وصمد " يحتاج إليه كل ممكن فإذاً ربك هو المنتهى، وهو رب الأرباب ومسبب الأسباب، وعلى هذا القول الكاف أحسن موقعاً، أما على قولنا : إن الخطاب عام فهو تهديد بليغ للمسيء وحث شديد للمحسن، لأن قوله : أيها السامع كائناً من كان إلى ربك المنتهى يفيد الأمرين إفادة بالغة حد الكمال، وأما على قولنا : الخطاب مع النبي ﷺ فهو تسلية لقلبه كأنه يقول : لا تحزن فإن المنتهى إلى الله فيكون كقوله تعالى :﴿فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [ ياس : ٧٦ ] إلى أن قال تعالى في آخر السورة :﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [ ياس : ٨٣ ] وأمثاله كثيرة في القرآن.
المسألة الثالثة :
اللام على الوجه الأول للعهد لأن النبي ﷺ كان يقول : أبداً إن مرجعكم إلى الله فقال :﴿وَأَنَّ إلى رَبّكَ المنتهى﴾ الموعود المذكور في القرآن وكلام النبي ﷺ، وعلى الوجه الثاني للعموم أي إلى الرب كل منتهى وهو مبدأ، وعلى هذا الوجه نقول : منتهى الإدراكات المدركات، فإن الإنسان أولاً يدرك الأشياء الظاهرة ثم يمعن النظر فينتهي إلى الله فيقف عنده.
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (٤٣)
وفيه مسائل :