قوله تعالى :﴿ ما زاغ البَصَرُ ﴾ أي : ما عَدَلَ بَصرُ رسولِ الله ﷺ يميناً ولا شِمالاً ﴿ وما طغى ﴾ أي : ما زاد ولا جاوز ما رأى ؛ وهذا وصف أدبه ﷺ في ذلك المقام.
﴿ لقد رأى مِنْ آياتِ ربِّه الكُبرى ﴾ فيه قولان.
أحدهما :[ لقد ] رأى من آياتِ ربِّه العِظامِ.
والثاني : لقد رأى من آيات ربِّه [ الآية ] الكُبرى.
وللمفسرين في المراد بما رأى من الآيات ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه رأى رفرفاً أخضر من الجنة قد سَدَّ الأفق، قاله ابن مسعود.
والثاني : أنه رأى جبريل في صورته التي يكون عليها في السماوات، قاله ابن زيد.
والثالث : أنه رأى من أعلام ربِّه وأدلَّته [ الأعلامَ والأدلةَ ] الكُبرى، قاله ابن جرير :
قال الزجاج : فلمّا قَصَّ اللهُ تعالى هذه الأقاصيص قال :﴿ أفَرَأيتم اللاّت والعُّزَّى ﴾ المعنى : أخبِرونا عن هذه الآلهة التي تعبدونها هل لها من القُدرة والعظمة التي وُصف بها ربُّ العِزَّة شيءٌ؟!
فأمّا "اللاّت" فقرأ الجمهور بتخفيف التاء، وهو اسم صنم كان لثقيف اتَّخذوه مِن دون الله، وكانوا يَشتقُّون لأصنامهم من أسماء الله تعالى، فقالوا من "الله" : اللات، : ومن "العزيز" : العُزَّى.
قال أبو سليمان الخطابي : كان المشركون يتعاطَون "الله" اسماً لبعض أصنامهم، فصرفه الله إلى اللاّت صيانةً لهذا الاسم وذَبّاً عنه.
وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن السلمي، والضحاك، وابن السميفع، ومجاهد، وابن يعمر، والأعمش، وورش عن يعقوب :"اللاتّ" بتشديد التاء ؛ ورد في تفسير ذلك عن ابن عباس ومجاهد أن رجلاً كان يلُتُّ السَّويق للحاجّ، فلمّا مات عكفوا على قبره فعبدوه.
وقال الزجاج : زعموا أن رجلاً كان يلُتُّ السَّويق ويبيعه عند ذلك الصنم، فسُمِّي الصنمُ : اللاّتّ.
وكان الكسائي يقف عليه بالهاء، فيقول :"اللاّه" ؛ وهذا قياس، والأجود الوقوف بالتاء، لاتباع المصحف.


الصفحة التالية
Icon