لأنه إذا جَحَده حقَّه فقد غَلَبه عليه. والثاني : أنها مِنْ مَراه على كذا أي : غَلَبه عليه فهو مِن المِراء وهو الجِدالُ. وأمَّا الثانيةُ فهي مِنْ ماراه يُماريه مُراءاة أي : جادَلَه. واشتقاقُه مِنْ مَرْي الناقةِ ؛ لأنَّ كلَّ واحد من المتجادِلِيْن يَمْري ما عند صاحبه. وكان مِنْ حَقِّه أن يتعدَّى ب " في " كقولك : جادَلْتُه في كذا، وإنما ضُمِّن معنى الغَلَبة فعُدِّيَ تَعْدِيَتَها. وأمَّا قراءةُ عبد الله فمِنْ أمراه رباعياً.
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)
قوله :﴿ نَزْلَةً أخرى ﴾ : فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها : أنها منصوبةٌ على الظرفِ. قال الزمخشري :" نَصْبَ الظرفِ الذي هو مَرَّة ؛ لأنَّ الفَعْلَةَ اسمٌ للمَرَّة من الفعلِ فكانَتْ في حُكْمها " قلت : وهذا ليس مذهبَ البصريين، وإنما هو مذهبُ الفرَّاء، نقله عنه مكي. الثاني : أنها منصوبةٌ نَصْبَ المصدرِ الواقعِ موقعَ الحالِ. قال مكي :" أي : رآه نازلاً نَزْلة أخرى "، وإليه ذهب الحوفيُّ وابنُ عطية. والثالث : أنه منصوبٌ على المصدرِ المؤكِّد، فقدَّره أبو البقاء :" مرةً أخرى أو رُؤْيةٌ أخرى ". قلت : وفي تأويلِ " نَزْلَةً " برؤية نظرٌ. و " أخرى " تَدُلُّ على سَبْقِ رؤيةٍ قبلها.
عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥)