وتظاهر العلماء في هذا القول، وكثر المائل إليه. وذكر الطبري عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أنه قال :﴿ اللمم ﴾ ما دون الشرك، وهذا عندي لا يصح عن عبد الله بن عمرو. وذكر المهدوي عن ابن عباس والشعبي :﴿ اللمم ﴾ ما دون الزنا. وقال نفطويه :﴿ اللمم ﴾ ما ليس بمعتاد. وقال الرماني :﴿ اللمم ﴾ الهم بالذنب وحديث النفس به دون أن يواقع. وحكى الثعلبي عن سعيد بن المسيب : أنه ما خطر على القلب، وذلك هو لمة الشيطان. قال الزهراوي وقيل :﴿ اللمم ﴾ نظرة الفجأة، وقاله الحسين بن الفضل. ثم أنس تعالى بعد هذا بقوله :﴿ إن ربك واسع المغفرة ﴾.
وقوله تعالى :﴿ هو أعلم بكم ﴾ الآية، روي عن عائشة أنها نزلت بسبب قوم من اليهود كانوا يعظمون أنفسهم ويقولون للطفل إذا مات لهم هذا صديق عند الله، ونحو هذا من الأقاويل المتوهمة، فنزلت الآية فيهم، ثم هي بالمعنى عامة جميع البشر، وحكى الثعلبي عن الكلبي ومقاتل أنها نزلت في قوم من المؤمنين فخروا بأعمالهم، وقوله :﴿ أعلم بكم ﴾ قال مكي بن أبي طالب في المشكل معناه : هو عالم بكم. وقال جمهور أهل المعاني : بل هو التفضيل بالإطلاق، أي هو أعلم من الموجودين جملة، والعامل في ﴿ إذ ﴾ ﴿ أعلم ﴾، وقال بعض النحاة العامل فيه فعل مضمر تقديره : اذكروا إذ، والمعنى الأول أبين، لأن تقديره : فإذا كان علمه قد أحاط بكم وأنتم في هذه الأحوال فأحرى أن يقع بكم وأنتم تعقلون وتجترحون، والإنشاء من الأرض : يراد به خلق آدم عليه السلام، ويحتمل أن يراد به إنشاء الغذاء. و: ﴿ أجنة ﴾ جمع جنين.