وقوله :﴿ تمنى ﴾ يحتمل أن يكون من قولك : أمنى الرجل : إذا خرج منه المني، ويحتمل أن يكون من قولك منى الله الشيء : إذا خلقه، فكأنه قال : إذا تخلق وتقدر، و: ﴿ النشأة الأخرى ﴾ هي إعادة الأجسام إلى الحشر بعد البلي في التراب. وقرأ الناس :" النشْأة " بسكون الشين والهمز والقصر، وقرأ أبو عمرو والأعرج :" النشآة " ممدودة.
﴿ وأقنى ﴾ معناه : أكسب، يقال : قنبت المال، أي كسبته، ثم يعدى بعد ذلك بالهمزة، وقد يعدى بالتضعيف، ومنه قول الشاعر :[ البسيط ]
كم من غني أصاب الدهر ثروته... ومن فقير يقنّى بعد إقلالِ
وعبر المفسرون عن ﴿ أقنى ﴾ بعبارات مختلفة. وقال بعضهم :﴿ أقنى ﴾ معناه : أكسب ما يقتني، وقال مجاهد معناه : أغنى وأرضى. وقال حضرمي معناه : أغنى عن نفسه ﴿ وأقنى ﴾ أفقر عباده إليه. وقال الأخفش :﴿ أقنى ﴾ أفقر، وهذه عبارات لا تقتضيها اللفظة، والوجه فيها بحسب اللغة أكسب ما يقتني. وقال ابن عباس :﴿ أقنى ﴾ قنع. والقناعة خير قنية، والغنى عرض زائل، فلله در ابن عباس. و: ﴿ الشعرى ﴾ نجم في السماء، قال مجاهد وابن زيد : هو من زمر الجوزاء وهم شعريان، إحداهما : الغميصاء، والأخرى العبور، لأنها عبرت المجرة، وكانت خزاعة ممن يعبد هذه ﴿ الشعرى ﴾، ومنهم أبو كبشة، ذكره الزهراوي واسمه عبد العزى، فلذلك خصت بالذكر، أي وهو رب هذا المعبود الذي لكم.
وعاد : هم قوم هود، واختلف في معنى وصفها ب ﴿ الأولى ﴾، فقال ابن زيد والجمهور : ذلك لأنها في وجه الدهر وقديمه، فهي أولى بالإضافة إلى الأمم المتأخرة، وقال الطبري : سميت أولى، لأن ثم عاداً أخيرة وهي قبيلة كانت بمكة مع العماليق وهم بنو لقيم بن هزال.
قال القاضي أبو محمد : والقول الأول أبين، لأن هذا الأخير لم يصح. وقال المبرد عاداً الأخيرة هي ثمود، والدليل قول زهير :[ الطويل ]
كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم... ذكره الزهراوي، وقيل الأخيرة : الجبارون.