أشباهكم في الكفر ونظرائكم في العناد يا قوم محمد ويا أهل مكة المشرفة من الأمم السابقة "فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ٥١" يخاف ويعتبر بمن سلف قبل ان يحل فيه ما حل بهم "وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ" المتقدمون وما يفعله المتأخرون مثل كفار مكة ومن قبلهم وبعدهم الخير والشر كله مدون "فِي الزُّبُرِ ٥٢" من قبل الحفظة في اللوح المحفوظ مما وقع وسيقع إلى يوم القيمة قدره ونوعه وجنسه ومكانه وزمانه وصفته "وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ" من العوالم وأفعالهم "مُسْتَطَرٌ ٥٣" عند اللّه أزلا لا يعزب شيء منه عنه، الذرة فما فوقها وما دونها "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ٥٤" أنهار كثيرة وإنما جاء بلفظ نهر لموافقة رؤوس الآي وهذه الأنهار من ماء صاف بارد وعسل مصفى وخمر لا غول فيه ولبن خالص واشربة متنوعه ممالذ وطاب مهيئة هذه الأنهار للمتقين "فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ" مجلس لا لغو فيه ومسرح لا فجور فيه ومكان مرضي لا غضب فيه لا نظير له ولا شبيه "عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ٥٥" على كل شيء وتحت ملكه كل شيء عظيم القدرة على كل شيء فأي منزلة أكرم من هذه وأجمع للسعادة والغبطة.
وفقنا اللّه لها بمنه وكرمه وجعلنا من أهلها بجوار حرمه.
قال الإمام جعفر الصادق رضي اللّه عنه وصف اللّه تعالى المكان بالصدق فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق وهو منهم جعلنا اللّه من أتباعه وقال بعض أهل المعرفة ان اللّه تعالى أبهم العذبة والقرب ونكر مليكا ومقتدرا اشارة إلى ان ملكه وقدرته لا تدرك الأفهام كنهها، وان قربهم منه سبحانه بمنزلة من الكرامة والسعادة بحيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر يجل عنه اللسان وتكل دونه الأذهان.