لما قال تعالى :﴿كَذَّبَتْ﴾ ما الفائدة في قوله تعالى :﴿فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا﴾ ؟ نقول : الجواب عنه من وجوه الأول : أن قوله :﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ أي بآياتنا وآية الانشقاق فكذبوا الثاني كذبت قوم نوح الرسل وقالوا : لم يبعث الله رسولاً وكذبوهم في التوحيد : فكذبوا عبدنا كما كذبوا غيره وذلك لأن قوم نوح مشركون يعبدون الأصنام ومن يعبد الأصنام يكذب كل رسول وينكر الرسالة لأنه يقول : لا تعلق لله بالعالم السفلي وإنما أمره إلى الكواكب فكان مذهبهم التكذيب فكذبوا الثالث : قوله تعالى :﴿فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا﴾ للتصديق والرد عليهم تقديره : كذبت قوم نوح وكان تكذيبهم عبدنا أي لم يكن تكذيباً بحق كما يقول القائل : كذبني فكذب صادقاً.
المسألة الثالثة :
كثيراً ما يخص الله الصالحين بالإضافة إلى نفسه كما في قوله تعالى :﴿إِنَّ عِبَادِى﴾ [ الحجر : ٤٢ ] ﴿يا عِبَادِى﴾ [ العنكبوت : ٥٦ ] ﴿واذْكُرْ عَبْدَنَا﴾ [ ص : ١٧ ] ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ [ يوسف : ٢٤ ] وكل واحد عبده فما السر فيه ؟ نقول : الجواب عنه من وجوه الأول : ما قيل : في المشهور أن الإضافة إليه تشريف منه فمن خصصه بكونه عبده شرف وهذا كقوله تعالى :
﴿أَن طَهّرَا بَيْتِىَ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ] وقوله تعالى :﴿نَاقَةُ الله﴾ [ الأعراف : ٧٣ ] الثاني : المراد من عبدنا أي الذي عبدنا فالكل عباد لأنهم مخلوقون للعبادة لقوله :﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [ الذاريات : ٥٦ ] لكن منهم من عبد فحقق المقصود فصار عبده، ويؤيد هذا قوله تعالى :﴿كُونُواْ عِبَادًا لّى﴾ [ آل عمران : ٧٩ ] أي حققوا المقصود الثالث : الإضافة تفيد الحصر فمعنى عبدنا هو الذي لم يقل : بمعبود سوانا، ومن اتبع هواه فقد اتخذ إلهاً فالعبد المضاف هو الذي بكليته في كل وقت لله فأكله وشربه وجميع أموره لوجه الله تعالى وقليل ما هم.
المسألة الرابعة :


الصفحة التالية
Icon