وقوله تعالى عنهم :﴿إِنَّا إِذاً لَّفِى ضلال وَسُعُرٍ﴾ يحتمل وجهين أحدهما : أن يكونوا قد قالوا في جواب من يقول لهم إن لم تتبعوه تكونوا في ضلال، فيقولون له : لا بل إن تبعناه نكون في ضلال ثانيهما : أن يكون ذلك ترتيباً على ما مضى أي حاله ما ذكرنا من الضعف والوحدة فإن اتبعناه نكون في ضلال وسعر أي جنون على هذا الوجه، فإن قلنا : إن ذلك قالوه على سبيل الجواب فيكون القائل قال لهم : إن لم تتبعوه فإنا إذاً في الحال في ضلال وفي سعر في العقبى فقالوا : لا بل لو اتبعناه فإنا إذاً في الحال في ضلال وفي سعر من الذل والعبودية مجازاً فإنهم ما كانوا يعترفون بالسعير.
المسألة الثالثة :
السعير في الآخرة واحد فكيف جمع ؟ نقول : الجواب عنه من وجوه أحدها : في جهنم دركات يحتمل أن تكون كل واحدة سعيراً أو فيها سعير ثانيها : لدوام العذاب عليهم فإنه كلما نضجت جلودهم يبدلهم جلوداً كأنهم في كل زمان في سعير آخر وعذاب آخر ثالثها : لسعة السعير الواحد كأنها سعر يقال للرجل الواحد : فلان ليس برجل واحد بل هو رجال.
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥)
وقد تقدم أن النفي بطريق الاستفهام أبلغ لأن من قال : ما أنزل عليه الذكر ربما يعلم أو يظن أو يتوهم أن السامع يكذبه فيه فإذا ذكر بطريق الاستفهام يكون معناه أن السامع يجيبني بقوله : ما أنزل فيجعل الأمر حينئذ منفياً ظاهراً لا يخفى على أحد بل كل أحد يقول : ما أنزل، والذكر الرسالة أو الكتاب إن كان ويحتمل أن يراد به ما يذكره من الله تعالى كما يقال الحق ويراد به ما يحل من الله وفيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon