ثم قال تعالى :﴿فَنَادَوْاْ صاحبهم﴾ نداء المستغيث كأنهم قالوا : يالقدار للقوم، كما يقول القائل : بالله للمسلمين وصاحبهم قدار وكان أشجع وأهجم على الأمور ويحتمل أن يكون رئيسهم.
وقوله تعالى :﴿فتعاطى فَعَقَرَ﴾ يحتمل وجوهاً الأول : تعاطى آلة العقر فعقر الثاني : تعاطى الناقة فعقرها وهو أضعف الثالث : التعاطي يطلق ويراد به الإقدام على الفعل العظيم والتحقيق هو أن الفعل العظيم يقدم كل أحد فيه صاحبه ويبرىء نفسه منه فمن يقبله ويقدم عليه يقال : تعاطاه كأنه كان فيه تدافع فأخذه هو بعد التدافع الرابع : أن القوم جعلوا له على عمله جعلاً فتعاطاه وعقر الناقة.
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٠)
وقد تقدم بيانه وتفسيره غير أن هذه الآية ذكرها في ثلاثة مواضع ذكرها في حكاية نوح بعد بيان العذاب، وذكرها ههنا قبل بيان العذاب، وذكرها في حكاية عاد قبل بيانه وبعد بيانه، فحيث ذكر قبل بيان العذاب ذكرها للبيان كما تقول : ضربت فلاناً أي ضرب وأيما ضرب، وتقول : ضربته وكيف ضربته أي قوياً، وفي حكاية عاد ذكرها مرتين للبيان والاستفهام وقد ذكرنا السبب فيه، ففي حكاية نوح ذكر الذي للتعظيم وفي حكاية ثمود ذكر الذي للبيان لأن عذاب قوم نوح كان بأمر عظيم عام وهو الطوفان الذي عم العالم ولا كذلك عذاب قوم هود فإنه كان مختصاً بهم.
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١)
سمعوا صيحة فماتوا وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
كان في قوله :﴿فَكَانُواْ﴾ من أي الأقسام ؟ نقول : قال النحاة تجيء تارة بمعنى صار وتمسكوا بقول القائل :
بتيماء قفر والمطي كأنها.. قطا الحزن قد كانت فراخاً بيوضها


الصفحة التالية
Icon