قوله تعالى :﴿ أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا ﴾ أي خصص بالرسالة من بين آل ثمود وفيهم من هو أكثر مالاً وأحسن حالاً؟! وهو استفهام معناه الإنكار.
﴿ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾ أي ليس كما يدّعيه، وإنما يريد أن يتعاظم ويلتمس التكبر علينا من غير استحقاق.
والأَشَر المَرَح والتَجَبُّر والنّشاط.
يقال : فرس أَشِر إذا كان مرحاً نشيطاً ؛ قال امرؤ القيس يصف كلباً :
فيدركنا فَغِمٌ داجِنٌ...
سمِيعٌ بِصيرٌ طَلُوبٌ نَكِرْ
أَلَصُّ الضُّرُوسِ حَنِيُّ الضُّلُوعِ...
تَبُوعٌ أَرِيبٌ نَشيطٌ أَشِرْ
وقيل :"أَشِرٌ" بَطِر.
والأَشَر البَطَر ؛ قال الشاعر :
أَشِرْتُمْ بلُبْس الخَزِّ لمّا لَبِسْتُمُ...
ومِن قبلُ ما تَدْرونَ مَنْ فَتَحَ الْقُرَى
وقدأشِر بالكسر يأشَر أَشَراً فهو أَشِر وأَشْران، وقوم أشَارى مثل سَكْران وسُكَارى ؛ قال الشاعر :
وخَلَّتْ وُعُولاً أَشَارَى بها...
وقد أَزْهَفَ الطَّعْنُ أبطالَهَا
وقيل : إنه المتعدي إلى منزلة لا يستحقها ؛ والمعنى واحد.
وقال ابن زيد وعبد الرحمن بن حماد : الأشِر الذي لا يبالي ما قال.
وقرأ أبو جعفر وأبو قِلابة "أَشَرُّ" بفتح الشين وتشديد الراء يعني به أشرنا وأخبثنا.
﴿ سَيَعْلَمُونَ غَداً ﴾ أي سيرون العذاب يوم القيامة، أو في حال نزول العذاب بهم في الدنيا.
وقرأ ابن عامر وحمزة بالتاء على أنه من قول صالح لهم على الخطاب.
الباقون بالياء إخبار من الله تعالى لصالح عنهم.
وقوله :"غَداً" على التقريب على عادة الناس في قولهم للعواقب : إن مع اليوم غداً ؛ قال :
للموتِ فيها سِهامٌ غير مُخْطِئَةٍ...
مَنْ لم يكن مَيِّتاً في اليومِ ماتَ غَدَا
وقال الطرِمَّاح :
أَلاَ عَلِّلاَنِي قبل نَوْحِ النَّوَائِح...
وقَبْلَ اضطراب النَّفْسِ بَين الْجَوَانِح
وقبلَ غَدٍ يا لَهْفَ نفسي على غَدٍ...
إذا رَاحَ أصحابي ولستُ برائِح