والعرب تسمِّي الجزّار قُدَاراً تشبيهاً بقُدَار بن سالف مشؤوم آل ثمود ؛ قال مُهلهِل :
إنَّا لَنَضْرِبُ بالسُّيُوفِ رؤُوسَهمْ...
ضَرْبَ القُدَارِ نقِيعةَ القُدَّامِ
وذكره زهير فقال :
فَتُنْتَجْ لَكُمْ غِلمانَ أَشْأَمَ كُلُّهُمْ...
كأحمرِ عادٍ ثُمَّ تُرْضِعْ فتَفْطِمِ
يريد الحرب ؛ فكنَّى عن ثمود بعاد.
قوله تعالى :﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾ يريد صيحة جبريل عليه السلام، وقد مضى في "هود".
﴿ فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المحتظر ﴾ وقرأ الحسن وقتادة وأبو العالية "المحْتَظَر" بفتح الظاء أرادوا الحظيرة.
الباقون بالكسر أرادوا صاحب الحظيرة.
وفي الصحاح : والمحتِظر الذي يعمل الحظيرة.
وقرىء "كَهَشِيِم المحتظِر" فمن كسره جعله الفاعل ومن فتحه جعله المفعول به.
ويقال للرجل القليل الخير : إنَّه لنَكِدُ الْحظِيرَة.
قال أبو عبيد : أراه سمى أمواله حظيرة لأنه حظرها عنده ومنعها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة.
المهدوي : من فتح الظاء من "المحتظر" فهو مصدر، والمعنى كهشيم الاحتظار.
ويجوز أن يكون "المحتظَر" هو الشجر المتخذ منه الحظيرة.
قال ابن عباس :"المحتظِر" هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة بالشجر والشوك ؛ فما سقط من ذلك وداسته الغنم فهو الهشيم.
قال :
أَثَرْنَ عَجاجةً كدخانِ نارٍ...
تشبّ بغَرْقَدٍ بالٍ هَشِيمِ
وعنه : كحشيش تأكله الغنم.
وعنه أيضاً : كالعظام النخرة المحترقة، وهو قول قتادة.
وقال سعيد بن جُبير : هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح.
وقال سفيان الثوري : هو ما تناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصا، وهو فعيل بمعنى مفعول.
وقال ابن زيد : العرب تسمِّي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً.
والحظْر المنع، والمحتظر المفتعل يقال منه : احتظر على إبله وحظر أي جمع الشجر ووضع بعضه فوق بعض ليمنع برد الريح والسباع عن إبله ؛ قال الشاعر :
تَرَى جِيَفَ المَطِيِّ بجانبيه...