وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٨) ﴾
تقدمت قصة عاد مطولة ومتوسطة، وهنا ذكرها تعالى موجزة، كما ذكر قصة نوح عليه السلام موجزة.
ولما لم يكن لقوم نوح علم، ذكر قوم مضافاً إلى نوح.
ولما كانت عاد علماً لقوم هود، ذكر العلم، لأنه أبلغ في الذكر من التعريف بالإضافة.
وتكرر التهويل بالاستفهام قبل ذكر ما حل بهم وبعده، لغرابة ما عذبوا به من الريح، وانفرادهم بهذا النوع من العذاب، ولأن الاختصار داعية الاعتبار والتدبر والصرصر الباردة، قاله ابن عباس والضحاك وقتادة.
وقيل، المصوتة والجمهور : على إضافة يوم إلى نحس، وسكون الحاء.
وقرأ الحسن : بتنوين يوم وكسر الحاء، جعله صفة لليوم، كقوله تعالى :﴿ في أيام نحسات ﴾ ﴿ مستمر ﴾، قال قتادة : استمر بهم حتى بلغهم جهنم.
وعن الحسن والضحاك : كان مراً عليهم.
وروي أنه كان يوم الأربعاء، والذي يظهر أنه ليس يوماً معيناً، بل أريد به الزمان والوقت، كأنه قيل : في وقت نحس.
ويدل على ذلك أنه قال في سورة فصلت :﴿ فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيامٍ نحساتٍ ﴾ وقال في الحاقة :﴿ سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسوماً ﴾ إلا أن يكون ابتداء الريح في يوم الأربعاء، فعبر بوقت الابتداء، وهو يوم الأربعاء، فيمكن الجمع بينها.
﴿ تنزع الناس ﴾ : يجوز أن يكون صفة للريح، وأن يكون حالاً منها، لأنها وصفت فقربت من المعرفة.
ويحتمل أن يكون تنزع مستأنفاً، وجاء الظاهر مكان المضمر ليشمل ذكورهم وإناثهم، إذ لو عاد بضمير المذكورين، لتوهم أنه خاص بهم، أي تقلعهم من أماكنهم.
قال مجاهد : يلقى الرجل على رأسه، فتفتت رأسه وعنقه وما يلي ذلك من بدنه.
وقيل : كانوا يصطفون آخذي بعضهم بأيدي بعض، ويدخلون في الشعاب، ويحفرون الحفر فيندسون فيها، فتنزعهم وتدق رقابهم.
والجملة التشبيهية حال من الناس، وهي حال مقدرة.