ولما هددهم بقوله :﴿ سيعلمون غداً ﴾، وكانوا قد ادعوا أنه كاذب، قالوا : ما الدليل على صدقك؟ قال الله تعالى :﴿ إنا مرسلوا الناقة ﴾ : أي مخرجوها من الهضبة التي سألوها.
﴿ فارتقبهم ﴾ : أي فانتظرهم وتبصر ما هم فاعلون، ﴿ واصطبر ﴾ على أذاهم ولا تعجل حتى يأتي أمر الله.
﴿ ونبئهم أن الماء ﴾ : أي ماء البئر الذي لهم، ﴿ قسمة بينهم ﴾ : أي بين ثمود وبين الناقة غلب ثمود، فالضمير في بينهم لهم وللناقة.
أي لهم شرب يوم، وللناقة شرب يوم.
وقرأ الجمهور : قسمة بكسر القاف ؛ ومعاذ عن أبي عمرو : بفتحها.
﴿ كل شرب محتضر ﴾ أي محضور لهم وللناقة.
وتقدمت قصة الناقة مستوفاة، فأغنى عن إعادتها، وهنا محذوف، أي فكانوا على هذه الوتيرة من قسمة الماء، فملوا ذلك وعزموا على عقر الناقة.
﴿ فنادوا صاحبهم ﴾، وهو قدار بن سالف، ﴿ فتعاطى ﴾ : هو مطاوع عاطى، وكأن هذه الفعلة تدافعها الناس وعاطاها بعضهم بعضاً، فتعاطاها قدار وتناول العقر بيده.
ولما كانوا راضين، نسب ذلك إليهم في قوله :﴿ فعقروا الناقة ﴾ وفي قوله :﴿ فكذبوه فعقروها ﴾ والصيحة التي أرسلت عليهم.
يروى أن جبريل عليه السلام صاح في طرف منازلهم، فتفتتوا وهمدوا وصاروا ﴿ كهشيم المحتظر ﴾ وهو ما تفتت وتهضم من الشجر.
والمحتظر : الذي يعمل الحظيرة، فإنه تتفتت منه حالة العمل وتتساقط أجزاء مما يعمل به، أو يكون الهشيم ما يبس من الحظيرة بطول الزمان، تطأه البهائم فيتهشم.
وقرأ الجمهور : بكسر الظاء ؛ وأبو حيوة وأبو السمال وأبو رجاء وأبو عمرو بن عبيد : بفتحها، وهو موضع الاحتظار.
وقيل : هو مصدر، أي كهشيم الاحتظار، وهو ما تفتت حالة الاحتظار.
والحظيرة تصنعها العرب وأهل البوادي للمواشي والسكنى من الأغصان والشجر المورق والقصب.
والحظر : المنع ؛ وعن ابن عباس وقتادة، أن المحتظر هو المحترق.
قال قتادة : كهشيم محترق ؛ وعن ابن جبير : هو التراب الذي يسقط من الحائط البالي.


الصفحة التالية
Icon